للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا ما فسّرته الآيات في تعريف المطففين. إنهم الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَي النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ، وإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ.

التطفيف ظلم وتجاوز، والمطفّف ظالم متجاوز، إذا اكتال وإذا كال، إذا أخذ، وإذا أعطي.

وقد لاحظ هذه اللفتة الإمام أحمد بن فارس في مقاييس اللغة، فقال:

«التطفيف: نقص المكيال والميزان. وقال بعض أهل العلم: إنما سمي نقص المكيال والميزان تطفيفا، لأن الذي ينقصه منه يكون طفيفا أي: قليلا.

ويقال لما فوق الإناء: الطّفاف» (١).

الزيادة في المكيال والميزان تطفيف، يقال: طفّ المكيال: إذا زاد.

والإنقاص منه تطفيف، يقال: طفّف المكيال: إذا أنقص منه.

وتوحي جملة: الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَي النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ بتجبر وظلم المطففين، وأنهم ذوو مكانة وسلطان ورئاسة في قومهم، والذي يوحي بهذا حرف الجر «علي»، الذي يدلّ علي الاستعلاء، فهم يكتالون علي الناس، ويتجبّرون عليهم، ويأمرونهم بقبول مكاييلهم وموازينهم، رغم ما فيها من بخس لهؤلاء الناس.

إن آية سورة الإسراء تأمر بالتوفية في الكيل والوزن، وتنهي عن التطفيف فيه.

وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ: عليكم عند ما تكيلون أن توفوا الكيل، وأن لا تنقصوه إذا كان عليكم، وأن لا تزيدوه إذا كان لكم.

وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ: عند ما تزنون بالميزان، فعليكم أن تكونوا عادلين في الوزن، فلا تأخذوا أكثر من حقكم، ولا تعطوا غيركم عند ما تبيعونهم أقلّ من حقهم.


(١) مقاييس اللغة: ٣/ ٤٠٥.

<<  <   >  >>