إنّ بعض المسلمين قد ينظر للموضوع نظرة تجارية مادية متعجلة، وتحركه الرغبة في زيادة المال وتحقيق المكاسب، فتعميه هذه الرغبة عن مشاهدة آخر الطريق، وملاحظة نهايته! ولذلك يظنّ أنّ تطفيف المكيال والميزان خير له، وأحسن من الإيفاء! ولماذا لا يكون خيرا وأحسن عنده؟ ألا ينتج عنه زيادة الكسب والمنفعة؟
ومضاعفة الربح؟ ألا يزداد ماله دراهم أو دنانير؟ ألا يزداد وزن سلعته غرامات أو كيلووات؟ أليس هذا خيرا له وأحسن؟
أمّا عند ما يوفي المكيال والميزان فإنه يفقد هذه المكاسب المادية، ويخسر هذه الأرباح الطائلة! تنقص أمواله، ويقلّ دخله، وهل هناك تاجر ذو حس تجاري، ورغبة في الربح، يرضي أن يفقد هذه المكاسب، ويترك استغلال هذه الفرص؟ مع أنّ التجارة «شطارة»!! تردّ الآية علي هذه التبريرات النفسية، فتقول للتاجر: ليس الأمر كما حدثتك نفسك الطامعة في الربح والكسب، ولو علي حساب الآخرين.
إنّ تطفيفك للمكيال والميزان، وحصولك علي كسب أكثر، وربح أعلي، ليس خيرا لك في النهاية. هو خير لك الآن، لكن ما هي عاقبته عليك؟
ما هي نهايته؟ أي: ما هو تأويله؟ وما هي صورته الفعلية الواقعية التي ينتهي إليها، ويستقر عليها؟
إنّ الله لن يبارك له تجارته التي تقوم علي تطفيف المكيال والميزان. وإن الله لن يوفقه في حياته طالما أنه جني كسبا حراما، وأضاف إلي رصيده مالا حراما.
ماذا سيحصل له عند ما يطفّف المكيال والميزان؟ سيقذف الله كراهيته في قلوب «الزبائن» لتلاعبه في الميزان، وظلمه لهم، ونهبه لأموالهم، وبهذا سينصرفون عنه، وستقل صفقاته التجارية، أي ستقلّ أرباحه،