ويحلّ الإشكال. فكيف يزال التنازع؟ وما المرجع الذي يرجعون إليه؟ وما الأصل الذي يتحاكمون إليه؟
ما هو تأويل ذلك الأمر المتنازع فيه؟ بمعني: ما هي حقيقة ذلك الأمر؟
وما هو الراجح فيه من الأقوال والآراء المقدمة؟ أيّ رأي منها يوافق الحقّ والصواب؟ ومن الذي يقرر ذلك؟ ومن هو المؤهل للحكم فيه؟ ومن هو الصالح للردّ إليه؟ ومن هو الذي يؤول الموضوع، ويقدم حقيقته الراجحة الصحيحة؟
إنه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في حياته، وكتاب الله وسنة رسوله صلّى الله عليه وسلّم بعد قبضه، وهذا ما صرّحت به الآية: فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَي اللَّهِ والرَّسُولِ، إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ والْيَوْمِ الْآخِرِ، ذلِكَ خَيْرٌ وأَحْسَنُ تَأْوِيلًا.
فَرُدُّوهُ إِلَي اللَّهِ والرَّسُولِ: ردّوا الأمر المتنازع فيه إلي الله والرسول، أي ردّوه إلي كتاب الله وسنة الرسول عليه الصلاة والسلام.
أي: أوّلوا المتنازع فيه، وابحثوا عن حلّ نهائي له، واذهبوا إلي من يؤوّله، ويريكم حقيقته ومآله، ومرجعه ونهايته، ردّوه إليه ليؤله لكم! وإذا كان التأويل هو ردّ الشيء إلي غايته، عرفنا حكمة الأمر بالردّ في الآية: فَرُدُّوهُ إِلَي اللَّهِ والرَّسُولِ: قدّموه إلي الميزان الصحيح، المتمثل في كتاب الله وسنة الرسول، ليتمّ تأويله، وتعرف حقيقته.
ذلِكَ خَيْرٌ: ردّ المتنازع فيه إلي الميزان والمرجع والأساس والأصل، إلي كتاب الله وسنة رسوله، خير وبركة وصواب.