ولا يوجد مسلم صالح حاكما أو محكوما يرفض الاحتكام إلي الله ورسوله، ويأبي ردّ المتنازع فيه إلي كتاب الله وسنة رسوله، بما أن هذا الاحتكام والردّ هو خير وأحسن تأويلا ومرجعا وقضاء.
لكنّ المنافق او ضعيف الإيمان، ويرفض هذا الاحتكام والرد، ويأبي الخضوع لحكم الله ورسوله، ويسعي إلي حكم الطواغيت، ويقبل بحكم البشر المناقض لحكم الله ورسوله، ويكون بذلك قد فقد إيمانه، وأغضب ربّه، وعصي نبيه، وأطاع شيطانه.
ولهذا تتعجب الآية التالية من موقف المنافقين، الراغبين في الاحتكام إلي الطاغوت، الرافضين لحكم الله ورسوله: أَلَمْ تَرَ إِلَي الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ، يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَي الطَّاغُوتِ، وقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ، ويُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالًا بَعِيداً.
شتّان بين ردّ وردّ، وبين تأويل وتأويل شتّان بين ردّ المؤمنين المتنازع فيه إلي الله ورسوله، الذي هو خير وأحسن تأويلا، وبين ردّ المنافقين المتنازع فيه إلي الطاغوت، الذي هو شرّ وأسوأ تأويلا!!
معنى التأويل في الآية:
التأويل هو ردّ الشيء إلي الغاية المرادة منه، علما أو فعلا.
وتقدم الآية لنا الميزان الذي نزن به، والمرجع الذي نرجع إليه، والأصل الذي نردّ إليه الأمور المختلف فيها: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا: أَطِيعُوا اللَّهَ وأَطِيعُوا الرَّسُولَ وأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ، فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ، فَرُدُّوهُ إِلَي اللَّهِ والرَّسُولِ، إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ والْيَوْمِ الْآخِرِ، ذلِكَ خَيْرٌ وأَحْسَنُ تَأْوِيلًا.
هناك أمور متنازع فيها بين المسلمين، ليس فيها نصّ صريح يزيل التنازع