فبيّن لهم الصواب والحقيقة، وهذا تأويل من الرسول عليه الصلاة والسلام للأمر المتنازع فيه، وفعلهم هذا هو خير وأحسن تأويلا وعاقبة ومآلا وغاية.
ثم أرسي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم القاعدة الدائمة للمسلمين من بعده حتى قيام الساعة، وقدّم لهم الأساس والميزان في صلة المحكومين بالحكام والرعية بالراعي.
هذا الأساس والميزان في قوله تعقيبا علي الحادثة:
(إنما الطاعة في المعروف).
طاعة ولي الأمر المسلم الصالح واجبة، وتنفيذ أوامر الحاكم المسلم الصالح واجب، لكن علي شرط أن يأمر بالواجب والمعروف، أما إذا أمر الحاكم بمعصية ومنكر وحرام، فعندها تلغي طاعته، ويحرم تنفيذ أمره، ولا سمع له ولا طاعة، لأنّ الطاعة في المعروف الحلال.
فهذه الجملة المحدّدة من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «إنما الطاعة في المعروف»
هي الميزان والأصل، والقاعدة والأساس، يرجع إليها المسلمون في حلّ خلافاتهم مع حكامهم ومسئوليهم وولاة أمورهم، ينظرون إلي أوامر مسئوليهم من خلالها، ويتعاملون مع حكامهم علي أساسها، فينفذون من تلك الأوامر ما اتّفق معها، ويرفضون تنفيذ ما تعارض معها!! وإعادة المسلمين لأوامر وتعليمات مسئوليهم وحكامهم إلي هذه القاعدة النبوية، هو ردّ إليها، وحمل عليها، أو: هو تأويل لتلك الأوامر علي أساس هذه القاعدة.