والهاء في «تأويله» لا تعود علي القرآن كله، وإنما تعود علي المتشابه منه، هذا المتشابه المذكور في جملة «فيتبعون ما تشابه منه» وهو اسم الموصول وصلته في الجملة.
والمعنى يتّبعون المتشابه من القرآن بهدف تأويل ذلك المتشابه.
وبعد أن بينت الآية هدف الزائغين، وهو نشر الفتنة من خلال تأويلهم للمتشابه، بينت أن تأويل المتشابه مقصور علي الله، فقالت: وما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ.
والجملة حصرت تأويل المتشابه، وقصرته علي الله، بأداتي الحصر والقصر: ما وإِلَّا.
والهاء في تَأْوِيلِهِ تعود علي المتشابه، كما عادت عليه الهاء الأولي في وابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ.
ومعنى الحصر والقصر في الجملة، أنه لا يعلم أحد من البشر تأويل المتشابه، لأنه لا يعلم تأويله إلا الله.
وبعد ما ذكرت الآية الفريق الأول الراغب في تأويل المتشابه، طلبا للفتنة، وذمّتهم بسبب ذلك، بينت موقف الفريق الآخر، الذين لا يخوضون في تأويل المتشابه، والذين يكلون علم تأويله إلي الله، ومدحتهم، ووصفتهم بصفة الرسوخ في العلم، فقالت: والرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ، كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا.
الراجح في سياق الجملة أنّ الواو في والرَّاسِخُونَ حرف استئناف، والجملة ليست معطوفة. أي الرَّاسِخُونَ ليس معطوفا علي لفظ الجلالة اللَّهُ.
وليس وضع الجملة هكذا: وما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ والرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ.