بذلك إلى قوله تعالى وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم الآية فهذا الميثاق الذي أخذ عليهم في صلب آدم فمن وفى به بعد دخوله في الدنيا فهو مؤمن ومن لم يوف به فهو كافر قال العلقمي قال النووي وفي رواية فيقول أردت منك أهون من هذا وفي رواية فيقال له قد سئلت أيسر من ذلك وفي رواية فيقال له كذبت قد سئلت أيسر من ذلك المراد بأردت في الرواية الأولى طلبت منك وأمرتك وقد أوضحته في الروايتين الأخيرتين بقوله قد سئلت أيسر فتعين تأويل أردت بذلك جمعاً بين الروايات ولأنه يستحيل عند أهل الحق أن يريد الله تعالى شيئاً ولا يقع ومذهب أهل الحق أن الله تعال مريد بجميع الكائنات خيرها وشرها ومنها الإيمان والكفر فهو سبحانه مريد لإيمان المؤمن ومريد لكفر الكافر خلافاً للمعتزلة في قولهم أنه أراد إيمان الكافر ولم يرد كفره تعالى الله عن قولهم الباطل فإنه يلزم من قولهم إثبات العجز في حقه تعالى وأنه وقع في ملكه ما لم يرده وأما هذا الحديث فقد بينا تأويله وأما قوله فيقال له كذبت فالظاهر أن معناه أنه يقال له لو رددناك إلى الدنيا وكانت لك كلها أكنت تفتدي بها فيقول نعم فيقال له كذبت قد سئلت أيسر من ذلك فأبيت ويكون هذا من معنى قوله ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه (أن لا يشرك بي شيئاً) قال المناوي أي بأن لا تشرك بي شيئاً من المخلوقات انتهى والظاهر أنه بدل من قوله ما هو أهون من ذلك (فأبيت إلا الشرك) أي امتنعت من الإيمان إذ أخرجتك إلى الدنيا واخترت الشرك (ت) عن أنس
• (أن الله تعالى يقول أن الصوم لي) أي سر بيني وبين عبدي (وأنا أجزي به) قال العلقمي اختلف العلماء في المراد بهذا مع أن الأعمال كلها له تعالى وهو الذي يجزي بها على أقوال
• أحدها أن الصوم لا يقع فيه الرياء كما يقع في غيره قاله أبو عبيد قال ويؤيده حديث ليس في الصوم رياء قال وذلك لأن الأعمال إنما تكون بالحركات إلا الصوم فإنما هو بالنية التي تخفى على الناس
• الثاني معناه أن الأعمال قد كشفت مقادير ثوابها للناس وأنها تضاعف من عشرة إلى سبعمائة ضعف إلى ما شاء الله إلا الصيام فإن الله يثيب عليه بغير تقدير ويشهد له سياق رواية الموطا حيث قال كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى ما شاء الله قال الله إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به أي أجازي عليه جزاء كثيراً من غير تعيين لمقداره
• الثالث أن الصيام لم يعبد به غير الله بخلاف الصدقة والصلاة ونحو ذلك
• الرابع أن جميع العبادات يوفى منها مظالم العباد إلا الصوم روى البيهقي عن ابن عيينة قال إذا كان يوم القيامة يحاسب الله عبده ويؤدى ما عليه من المظالم من عمله حتى لا يبقى له إلا الصوم فيتحمل الله ما بقي عليه من المظالم ويدخله بالصوم الجنة وهذا اختاره ابن العربي (أن للصائم فرحتين إذا أفطر فرح) أي فرح بزوال جوعه وعطشه وقيل بإتمام عبادته وسلامتها من المفسدات (وإذا لقي الله تعالى فجزاه فرح) أي لما يراه من جزيل ثوابه (والذي نفس محمد بيده) أي بقدرته وتصريفه (لخلوف