واعلم أيضًا أن الفعل إذا تعدّى إلى المفعولين، والثاني غير صريح، يقول النحاة:
إنَّ المفعول الثاني، مفعول الفعل صريحًا إجراءً على أصلهم لكون الفعل عاملًا في المفعولين صريحًا إلَّا أنَّ الواقع صلة، مُتَعِّينٌ فيه تقدير استقر وما أشبه ذلك من الفعل، وهذا الاستثناء يجوز أن يكون متصلًا ومنقطعًا بمعنى لكنّ المشددة لأنّ الصلة لا تكون إلا جملة.
اعلم: أنّ البصريين اختلفوا في سائر ظرف المستقر، إنّ المقدّر هو الفعل أو اسم الفاعل، فذهب بعضهم إلى الأول [قال صاحب "التلخيص" وهو الأصحّ لكون الفعل أصلًا في العمل، وذهب بعضهم إلى الثاني]. قال شارح "اللباب": وهو الأَوْلى لأنه خبر، والأصل في الخبر أن يكون مفردًا، وإنما أسندنا الاختلاف إلى بعض البصريين لأنّ الكوفيين لا يقولون بتقدير العامل، فعندهم لا يتعلّق بشيء أصلًا، ذكره الشيخ الرضيّ وهو اختيار أبي العباس من المتأخرين وبعض شرّاح الكافية ذكر الاختلاف بين البصريين والكوفيين، لكن الاعتماد على الأوّل، وقد تقدّم فيما قبل في المسألة الثانية مثال الحال، وهو قوله تعالى {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ} والصفة وهو رأيت طائرًا على غصن.
ومثال: مبتدأ مضاف إلى الخبر، وجملة الحمد لله: خبره، والجار والمجرور وهو (لله)
متعلق بثابت أو ثبت، خبر مبتدأ وهو الحمد. ومثال الصّلة قوله تعالى:{وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} فَمَنْ موصول ومبتدأ، والظرف المقدَم خبره، وقيل مَنْ مرفوع بالظرف، والجار مع المحكيّ بمجرور، أعني في السّموات متعلّق باستقرّ صلة (مَنْ).
المسألة الرابعة: يجوز في الجار والمجرور في هذه المواضع الأربعة، وهو كونه صفة، وصلة، وخبرًا، وحالًا. وحيث في محل الجر، عطف على هذا الموضع. وقع بعد نفي أو استفهام أن يرفع الفاعل، جملة أن يرفع في تأويل المصدر. وبأن فاعل، يجوز هذا عند أكثر البصريين لأنّ الجار والمجرور والظرف، واسم الفاعل والمفعول، والصفة المشبهة، لا يعملون إلّا بالاعتماد على الأشياء الستَّة المذكورة، هذا، أي وجوب الاعتماد في جميع المذكورات عند