للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والدليل عليه مستند إلى شيئين:

أولهما: أن الكتاب والسنة وإجماع العلماء دل على أن الغرض الأكبر في الأخبار غايته أن يوجد شيء يغلب على الظن صدقه، وتركن إليه النفس ركونًا مزاحمًا لليقين بحيث لو راجع الإنسان عقله يثق أن هذا الأمر واقع، ولو لم تشهد به بيَّنة، وقد قال سيّدي في "مراقي السّعود" في مباحث الأخبار (١):

"بغالب الظنّ يدور المُعتبَر".

وقد صدق، ونحن نضرب لكم أمثالًا من هذا:

هذا إمام دار الهجرة النجم مالك بن أنس -رضي الله عنه وأرضاه- سُئل عن رجل استُنْكِه فشُمّ من فيه ريح الخمر، فأفتى بجلده، وأقام حدًّا، ولم تقم بينة عدول يشهدون أن هذا الرجل شرب خمرًا، ولكن ريح الخمر قرينة تركن إليها النفس، ويغلب على الظن أنه شرب الخمر. وقد أجمع المالكية -مالك وعامة أصحابه- على العمل بالتدمية (٢) الحمراء، وإن أنكرها عليه غيره، لو وُجد رجل يتشحّط في دمه، وقال: دمي عند فلان، فإن مالكًا


(١) هذا الشطر الأول من البيت. وشطره الثاني:
فاعتبَر الإسلامَ كلُّ مَن غَبَر
انظر: المراقي (ص ٧١).
(٢) انظر: القرطبي (١/ ٤٥٧)، الأضواء (٣/ ٥٦٣)، العذب النمير (عند تفسير الآية رقم ٧٣ من سورة البقرة).

<<  <   >  >>