يفتي بأن أولياءه يحلفون القسامة، ويقتلون ذلك الرجل، نفسٌ تقول:(لا إله إلا الله) يتجرأ مالك على إزالة رأسها عن عنقها، ولم تقم بينة؛ لأنه رأى القرينة التي تركن النفس إلى صدقها ركونًا بينا أن الإنسان إذا كان في غمرات الموت لا يكاد يكذب أبدًا؛ لأنه زالت أغراضه من الدنيا، ولم يبق له سبب للكذب.
وفي ذلك الوقت اللدود الكافر الخنزير يسلم ويذهب إلى الحق، هذا فرعون الذي كان يقول: {فَقَال أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (٢٤)} [النازعات: ٢٤] لما أدركه الغرق قال: {آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إلا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ}[يونس: ٩٠]، والله يقول: {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (٨٤) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ} [غافر: ٨٤، ٨٥].
وهذا نبي الله يوسف برأه الله بقضية عادلة من ذلك الشاهد، لم تقم فيها بينة، إلا أن النفس تركن إليها ركونًا يغلب على الظن أنه صدق، والله جاء بذلك مستحسنًا له في معرض التسليم، مبرئًا به نبيه الكريم، ذلك أن امرأة العزيز لما بهتته وقالت: {مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إلا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٢٥)} [يوسف: ٢٥] اضطر إلى الدفاع، فقال:{هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي} وليس هنالك شهود يعلمون هو الكاذب، أو هي الكاذبة، فالشاهد قال لهم: انظروا إلى أمر تركن نفوسكم إليه يغنيكم عن البينة، انظروا قميص الرّجل فإن كان مشقوقًا من الأمام فهو يصول إليها، وهي تدفعه، وإن كان مشقوقًا من الوراء فهو هارب وهي تنوشه من ورائه، {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (٢٦) وَإِنْ كَانَ