للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ [يوسف: ٢٦، ٢٧]، محل الشاهد: {فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَال إِنَّهُ مِنْ كَيدِكُنَّ} [يوسف: ٢٨]، فألزموها الجناية، وحكموا عليها، والقران جاء بهذا في معرض الاستحسان والتصويب، وبراءة يوسف بهذا.

فتبين أن هذا الأمر الذي ركنت إليه النفس وغلب على الظن صدقه يقوم مقام البينة، وإخوته أولاد يعقوب لمّا جعلوا أخاهم في غيابة الجبّ أخذوا سخلةً فذبحوها ولطخوا قميص يوسف بدمها، ليكون الدّم قرينة لهم على صدقهم في أنّ [يوسف] (١) أكله الذئب. فلمّا جاؤوا بالقميص عشاءً يبكون، تأمّل يعقوب في القميص فوجده ليس فيه شق، فقال: سبحان الله متى كان الذئب حليمًا كيِّسا يقتل يوسف ولا يشق قميصه؟ ! ! وعلم بقرينة القميص أنهم كاذبون؛ ولذا قال الله عنه: {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ} [يوسف: ١٨]، وقد أجمع علماء التفسير أنَّ مستند يعقوب في قوله: {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ} قرينة عدم شق القميص كما جزم به أبو عبد الله القرطبي في تفسير هذه الآية (٢).

وقد أجمع العلماء عن بكرة أبيهم على أن الرجل يخطب المرأة ولم يرها قطّ، ويتزوجها من غير أن يراها، وإنما يسمع أن عند فلان بن فلان ابنة، فيخطبها وتزفّها إليه ولائد لا يثبت بقولهن درهم


(١) في الأصل يعقوب وهو سبق لسان.
(٢) انظر: القرطبي (٩/ ١٥٠)، الأضواء (٣/ ٧١)، العذب النمير (تفسير الآية رقم ٩٠) من سورة الأنعام.

<<  <   >  >>