للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن الإسلام، ونحن نبين ونقول: إن الإسلام أحاط للمرأة جميع منافعها ولم يُضِعْ لها بمنفعة، ولم يتلاعب لها بمنفعة، أما الرجل الذي جاءها لم يجز له أن يتزوجها إلا بصداق ومال، والمدّة التي يمكث معها يجب عليه إنفاقها وكفايتها من كل شيء، وإذا زالت بكارتها وزال غرضه منها لا مانع من أن يطلقها، وليس فيه تضييع لحياتها، فكم من ثيب جميلة تُختار على آلاف الأبكار، وهذا أمر مشاهد؛ لأنها إذا كانت ذات جمال ولو عجوزة، والشاعر قال (١):

أبى القلب إلا أم عمرو وحبها ... عجوزًا ومن يحبب عجوزًا يفند

كثوب اليماني قد تقادم عهده ... ورقعته ما شئت في العين واليد

فإذا كانت جميلة لا تضرها زوال البكارة، بل كم من ثيب يتنافس فيها الخُطَّاب وتأتيها الركبان من بلد إلى بلد، وأزواج النبي -وهو سيد الخلق- واختار له أكثرهن ثيبات، لم يتزوج بكرًا إلا واحدة. والله قدم الثيبات في القرآن فقال: {ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا} [التحريم: ٥] والمرأة زوال بكارتها لا يضرها، فكم من ثيب يُرغب فيها أكثر -يعني- من بكر، وهذا لا يُضيع جمالها، بل يتزوجها رجل آخر ويعطيها كما شاءت، وهذا الرجل لم يضرها بشيء، إنما البكارة التي أزالها فيها الصداق، والله يقول: {وَكَيفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} [النساء: ٢١]. فجعل ثمن البكارة الصداق الذي دُفع لها، فهو ثمن تمام، أصلًا أخذت صداقها الكامل تعقد


(١) ديوان الحماسة (٢/ ١٢٨).

<<  <   >  >>