للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هو الذي يقدر على أن يشق الأرض ويخرج منها بمسمار النبات؟ هب أن مسمار النبات خرج، من هو الذي يقدر على أن يخرج منه السنبلة؟ هب أن السنبلة خرجت، من هو الذي يقدر على أن ينبت فيها الحب؟ هب أن الحب خُلق، من الذي يقدر على أن ينميه وينقله من طور إلى طور حتَّى يكون تامًّا مدركًا صالحًا للأكل؟ {انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [الأنعام / ٩٩]؛ ولذا قال جل وعلا: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (٢٤) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (٢٥) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ -يعني: عن النبات-شَقًّا (٢٦) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (٢٧) وَعِنَبًا وَقَضْبًا} [عبس / ٢٤ - ٢٨] هذا مِن غرائب وعجائب صنع رب العالمين -جل وعلا-؛ ولذا قال: {وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ} [البقرة / ٢٢].

فإذا علمتم هذا وعرفتم أن خالق الكون هو الذي رفع هذه السماء، ودحا هذه الأرض، وأبرزكم من العلم إلى الوجود، وأنبت لكم الأرزاق= لا تعادلوا بهذا من لا يقدر على شيء، ولا تصرفوا شيئًا من حقوقه إلى عاجز ضعيف لا يقدر على شيء؛ ولذا قال: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا} [البقرة: ٢٢] نظراء تصرفون لهم حقوقه في العبادة {وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٢)} أنَّه الواحد الرب وحده، المحي المميت، القادر على كل شيء، الذي يستحق أن يُعبد وحده.

ثم إن ربنا في هذه الآية -التي تلوت عليكم من سورة البقرة وتكلمت لكم كلامًا قليلًا عليها- ضمنها ثلاثة براهين من براهين البعث السائدة في القرآن العظيم؛ لأنَّ المعارك في القرآن بين النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وبين منكري البعث من أعظم المعارك، وإن كانت المعركة العظمى بين

<<  <   >  >>