(١) والآن نقول: إن هذا القرآن العظيم فيه خير الدُّنيا والآخرة، ولم يضمن الله لأحدٍ ألّا يكون ضالًا في الدُّنيا ولا شقيًّا في الآخرة إلَّا المتمسك بهذا القرآن العظيم {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (١٢٣)} [طه / ١٢٣] وهذا القرآن العظيم بين أن المعتقد المنجي الذي هو طريق سلامة محققة في آيات الصفات يتركز على ثلاثة أُسس كلها في ضوء آية من كتاب الله، فمن جاء بهذه الأسس الثلاثة فقد سار في ضوء القرآن العظيم، ولقي الله متمسكًا بالعروة الوثقى على المحجة البيضاء التي كان عليها محمد - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، وهو طريق السلف، وقد قال إمام دار الهجرة مالك بن أنس - رضي الله عنه وأرضاه- وصدق:(لن يصلح آخر هذه الأمة إلَّا ما أصلح أولها).
أول هذه الأسس الثلاثة -أيها الإخوان- نكرره لكم مرَّة بعد مرَّة: هو الأساس الأكبر، والتوحيد الأعظم، والحجر الأساسي للصلة الصحيحة بخالق هذا الكون، هذا الأساس: هو تنزيه خالق السموات والأرض التنزيه التَّام عن أن يُشبه شيئًا من خلقه في أي شيء من صفاتهم، أو ذواتهم، أو أفعالهم، وكيف يشبه الخلق خالقه؟ أليس أثرَا من آثار قدرته وإرادته؟ وكيف تشبه الصنعة صانعها؟ هذا لا يخطر في الأذهان السليمة من أقذار التشبيه. وهذا الأصل في ضوء قوله:{لَيسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ}[الشورى / ١١] وقوله: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (٤)} [الإخلاص / ٤] وقوله: {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَال}[النحل / ٧٤].