للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويبصر، والبعير يسمع ويبصر، والإنسان يسمع ويبصر، ولأجل هذا جاء بقوله: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١)} مقترنًا بقوله: {لَيسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ} يعتي: لا تتنطع يا عبدي يا مسكين فتنفي عني صفة سمعي وبصري بالدعاوي الباطلة: أنك لو أثبت السمع والبصر كنت مشبهًا بالخلق. لا؛ أثبت لي سمعى وبصري إثباتًا مبنيًّا على أساس التنزيه مراعيًا فيه قولي قبله: {لَيسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ}.

فأول الآية الكريمة تنزيه كامل من غير تعطيل، وآخرها إيمان بالصفات إيمانًا كاملًا من غير تكييف ولا تشبيه ولا تمثيل. فذكرنا أساسين من هذه الأسس الثلاثة:

الأوَّل: هو الأساس الأعظم الذي هو رأس الخير: تنزيه خالق الكون عن مشابهة الخلق.

الثَّاني: الإيمان بالصفات، وتصدية الله ورسوله فيما أثنى به على نفسه، أو أثنى عليه به رسوله تصديقًا مبنيًّا على أساس التنزيه على نحو {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١)} [الشورى / ١١].

الأساس الثالث: هو أن نعلم أن عقولنا المسكينة مخلوقة واقفة عند حدها، وأن خالق الكون أعظم وأكبر وأجل وأنزه من أن تحيط به العقول، وهذا الأساس مبين في آية من سورة طه {يَعْلَمُ مَا بَينَ أَيدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا (١١٠)} [طه / ١١٠].

فمن اعتقد هذه الأسس الثلاثة فنزه خالق الكون عن مشابهة الخلق في ضوء {لَيسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ}، وأثبت له ما أثبته لنفسه على أساس

<<  <   >  >>