لكم -أيها الإخوان- الموقف الطبيعي والذي ينبغي أن يُفهم ويسلك لتكونوا على بصيرة من هذه الفِكَر المتناقضة التي ضاع الإسلام والمسلمون ضحيتها، وهو ما ذكرنا الآن أن هناك طرفان: طرف من الشيوخ الجامدين الذي يظنون أن كل تقدم في ميدان من ميادين الحياة أنَّه كفر ومضادةٌ للدين! ! ، وهذه جناية على الإسلام والمسلمين، وفكر غير صواب، وطائفة أخرى ثقفها الأجنبي ثقافة مضادة للإسلام، وصبغها كيف يشاء، فكانت تنظر إلى الدين بغير حقيقته، تزعم وتعتقد أن كل تمسك بالدين أنه رجعية وانحراف عن مسايرة ركب التطور وجمود بالأمة وخلود بها إلى الهاوية! !
هاتان الفكرتان -أيها الإخوان- كلتاهما خاطئة وكلتاهما ضرر على الأمة، ونحن نبين لكم الموقف الطبيعي كما ينبغي، إيضاح ذلك: أن هذا النوع المسمى بالإنسان -أيها الإخوان-: لو كان مخلوقًا من عنصر واحد لكان يمكن أن يكتفي باتجاه واحد، ولكنه مخلوق من عنصرين مختلفين في الحقيقة غاية الاختلاف، أحدهما: اسمه الجسد، والثَّاني: اسمه الروح، وللجسد متطلبات لا تقوم بها متطلبات الروح، والروح متطلبات لا تغني عنها متطلبات الجسد، فلا بد أن يسعى الإنسان سعيًا مزدوجًا لمتطلبات الروح ومتطلبات الجسد، فإهمال متطلبات الروح هو الويلة الكبرى على العالم، وهو مشاهد الآن، الكتلة الشرقية والكتلة الغربية، أعني نجحا في خدمة الإنسان من حيث العنصر الجسدي في جميع أنواع الماديات والتنظيميات، وخدم الإنسان من حيث إنَّه جسد وجسم بخدمات هائلة لا يعبر عنها، ولكن الحضارة الغربية أفلست كل الإفلاس من جهة الناحية الروحية؛ لأنهم