للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالنبي - صلى الله عليه وسلم - هَمَّ أن يمنع وطء النساء المراضع لهذا السبب فأخبرته فارس والروم بأنهم يفعلون هذا ولا يضر أولادهم، فأخذ هذه الخطة الطبية من الكفرة الفجرة الخنازير أبناء الخنازير فارس والروم، ولم يقل: هذه الخطة الطبية قذرة نجسة، لأن أصلها من الكفار! ! لا.

هذه أمثلة وأضواء نلقيها لإخواننا ليتحققوا بها الموقف الطبيعي لهذه المشاكل الراهنة التي خيمت على الدنيا، فعلينا جميعًا أن نفهم الوضع على حقيقته، ونعلم أن دين الإسلام ليس حجر عثرة في طريق التقدم، بل هو دين التقدم في جميع الميادين، ومن لم يتقدم في الميادين فهو مخالف أمر الله؛ لأن الله يقول: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: ٦٠] فقوله: {وَأَعِدُّوا} أمر من خالق هذا الكون، وأوامر الله ليست بالشيء الهين، بل هي أوامر خالق الكون، وقد قال لإبليس لما عصى أمره: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} [الأعراف: ١٢].

فالذين لا يعدون القوة بل يتواكلون ويتكاسلون وينامون من أين لهم أن الله لا يقول لهم كما قال لإبليس: مالكم ألا تعدوا القوة إذ أمرتكم؟ وهذا يبين أن الضعف والعجز والتواكل هو تمرد على نظام السماء، ومخالفة لأوامر القرآن، وأن دين الإسلام دين تقدم في الميدان وكفاح.

لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى ... حتى يراق على جوانبه الدم (١)

ومن المؤسف كل الأسف الذي يأسف له المسلم ويحزن أن كثيرًا


(١) يتيمة الدهر (١/ ٢٥٨)، الخزانة (١/ ١٩٣)، صبح الأعشى (١١/ ١٩٩).

<<  <   >  >>