للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وصفه به من قال في حقه: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إلا وَحْيٌ يُوحَى (٤)} [النجم: ٣، ٤] لأنه لا يصف الله أعلم بالله من الله {أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ} [البقرة: ١٤٠] ولا يصف الله بعد الله أعلم بالله من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي قال فيه: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إلا وَحْيٌ يُوحَى (٤)} وذلك الإيمان بالصفات مبني على أساس تنزيه الخالق عن مماثلة خلقه في شيء من ذواتهم وصفاتهم وأفعالهم على نحو {لَيسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١)} [الشورى: ١١] فإتيانه - جل وعلا - بقوله: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١)} بعد قوله: {لَيسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ} له مغزى عظيم وسر كبير وتعليم واضح لا ليس في الحق معه؛ لأن السمع والبصر من حيث هما سمع وبصر يتصف بهما جميع الحيوانات -ولله المثل الأعلى- فكأنه يقول: لا تتنطع يا عبدي فتنفي عني صفة سمعي وبصري مدعيًا أن الحيوانات تسمع وتبصر، وأن إثبات سمعي وبصري لي والإيمان بهما يستلزم التشبيه بما يسمع ويبصر من خلقي، لا، بل آمن بسمعي وبصري وأثبتهما لي، ولكن لاحِظ في ذلك الإثبات قولي قبله مقترنًا به: {لَيسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ}.

فأول الآية دليل على التنزيه الكامل من غير تعطيل، وآخرها دليل على الإيمان بالصفات من غير تشبيه ولا تمثيل، فيلزم من ذلك إيمان وتنزيه، فمن تقدم بين يدي الله وتجرأ على أن ينفي عنه وصفًا أثنى به على نفسه أو أثنى عليه به نبيه - صلى الله عليه وسلم - فكأنه يجعل نفسه أعلم بالله من الله ورسوله! ! سبحانك هذا بهتان عظيم! ! .

ومن اعتقد أن وصفًا أثنى الله به على نفسه يشبه شيئًا من صفات

<<  <   >  >>