كالعقل، والاستقراء، وهذا هو المعبر عنه بـ (التقسيم).
والئاني: اختبارها بعد الحصر اختبارًا صحيحًا يتميز به فاسدها من صحيحها، وهو المعبر عنه بـ (السبر)؛ لأن السبر في لغة العرب هو الاختبار.
والأصوليون يستعملون هذا الدليل في استنباط علة الحكم الشرعي بطريق من طرق الحصر، ثم يبطلون الباطل منها بطريق من طرق الإبطال المعروفة عندهم، ويبقون الصالح منها للتعليل كما هو معلوم في محله.
والمنطقيون يستخدمون هذا الدليل لغرض آخر وهو استنتاج وجود النقيض من عدم نقيضه، أو عدمه من وجوده، أو استنتاج عدم الضد من وجود ضده، ونحو ذلك كما هو مفصل في أقسام قياس الشَّرْطِي المنفصل الثلاثة، كما هو معلوم في محله.
والجدليون يستعملون هذا الدليل لإفحام الخصم وإقناع القاصر عن الدليل، فيحصرون الأوصاف ويسبرونها بعد الحصر فيتبين صحيحها من فاسدها.
وسنذكر هنا أربعة أمثلة لهذا الدليل في القرآن العظيم كل واحد منها فيه إفحام لبعض المجادلين من الكفار:
الأول منها: قوله تعالى ردًّا على الذين قالوا: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا}[ص: ٥]: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيرِ شَيءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (٣٥)} [الطور: ٣٥] فكأنه يقول لهؤلاء المنكرين توحيده في عبادته: لا يخلو الأمر بالتقسيم