وَإِنْ لِاخْتِلَاطٍ قَبْلَ الذَّبْحِ وَجَازَ أَخْذُ الْعِوَضِ إنْ اخْتَلَطَتْ بَعْدَهُ عَلَى الْأَحْسَنِ.
ــ
[منح الجليل]
الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ إذَا لَمْ يُعَيِّنْهَا هَذَا الْقَيْدُ صَحِيحٌ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَبِهِ قَيَّدَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا يُنَافِيهِ أَنَّ الْمَشْهُورَ إنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ بِالنَّذْرِ لِحَمْلِهِ عَلَى عَدَمِ إلْغَاءِ الْعَيْبِ الطَّارِئِ وَإِلَّا فَتَعْيِينُهَا بِالنَّذْرِ يَمْنَعُ الْإِبْدَالَ وَالْبَيْعَ كَمَا يَأْتِي. وَقَوْلُهُ أَوْ مُسَاوٍ عَلَى الرَّاجِحِ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الَّذِي فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ إبْدَالَهَا بِمِثْلِهَا جَائِزٌ وَكَانَ لَفْظُ الْأُمِّ لَا يُبْدِلُهَا إلَّا بِخَيْرٍ مِنْهَا إذَا كَانَ الْإِبْدَالُ لِغَيْرِ اخْتِلَاطٍ.
بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (لِاخْتِلَاطٍ) لِلضَّحِيَّةِ بِغَيْرِهَا فَيُكْرَهُ تَرْكُ الْأَفْضَلِ لِغَيْرِهِ وَأَخْذُ الدُّونِ لِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ وَصِلَةُ إبْدَالٍ (قَبْلَ الذَّبْحِ) فَمَعْنَى الْإِبْدَالِ فِي حَالِ الِاخْتِلَاطِ الْأَخْذُ (وَجَازَ) لِمَالِكِ ضَحِيَّةٍ (أَخْذُ الْعِوَضِ) مِنْهَا مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا كَنَقْدٍ وَعَرْضٍ (إنْ اخْتَلَطَتْ) الضَّحِيَّةُ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا بِغَيْرِهَا بِأَنْ اسْتَنَابَ رَجُلَانِ رَجُلًا عَلَى الذَّبْحِ عَنْهُمَا فَذَبَحَ وَاخْتَلَطَتَا (بَعْدَهُ) أَيْ الذَّبْحِ وَلَمْ يَعْرِفْ كُلَّ ضَحِيَّتِهِ فَيَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ (عَلَى الْأَحْسَنِ) عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَعَلَّلَهُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا نَقْصِدُ بِهِ الْمُعَاوَضَةَ وَلِأَنَّهَا شَرِكَةٌ ضَرُورِيَّةٌ فَأَشْبَهَتْ شَرِكَةَ الْوَرَثَةِ فِي لَحْمِ ضَحِيَّةٍ مُوَرِّثِهِمْ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُقَالُ أَخَذَ الْقِيمَةَ عَنْهَا بِيعَ لَهَا وَهُوَ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّمَا هُوَ بَدَلُ مُتْلَفٍ كَسَائِرِ الْمُتْلَفَاتِ اهـ.
فَإِنْ كَانَ الْعِوَضُ مِنْ الْجِنْسِ فَلَيْسَ فِيهِ قَوْلٌ بِالْجَوَازِ وَفِيهِ الْمَنْعُ وَفِيهَا وَالْكَرَاهَةُ كَمَا فِي تَوْضِيحِهِ، قَالَ وَقَدْ يُقَالُ بِمَنْعِهِ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ بِالْأَوْلَى مِمَّا إذَا كَانَ الْعِوَضُ مِنْ الْجِنْسِ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ إذْ يَلْزَمُ عَلَى الْإِبْدَالِ بِالْجِنْسِ بَيْعُ لَحْمٍ بِلَحْمٍ، بِخِلَافِ إبْدَالِهِ بِغَيْرِ جِنْسِهِ فَإِنَّهُ بَيْعُ لَحْمٍ بِعَرْضٍ وَهُوَ جَائِزٌ، فَلِذَا جَازَ. وَإِذَنْ كَانَ الْعِوَضُ مِنْ الْجِنْسِ لَزِمَهُ التَّصَدُّقُ بِهِ عَلَى الرَّاجِحِ وَلَا يَفْعَلُ بِهِ مَا يَفْعَلُ بِالضَّحِيَّةِ غَيْرِ الْمُخْتَلِطَةِ وَأَجْزَأَتْهُ ضَحِيَّتُهُ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ صَنَعَ بِهِ مَا شَاءَ عَلَى الرَّاجِحِ.
وَهَلْ كَجُزْئِهِ ضَحِيَّتَهُ أَمْ لَا وَالْأَوَّلُ مُشْكِلٌ إذْ كَيْفَ يَمْلِكُ الْعِوَضَ مَعَ إجْزَائِهَا، وَإِذَا اخْتَلَطَتْ ضَحِيَّةُ شَخْصٍ بِضَحِيَّةِ آخَرَ بَعْدَ ذَبْحِهِمَا جَازَ أَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ وَاحِدَةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute