بَابٌ)
ــ
[منح الجليل]
[بَابٌ الصُّلْحُ عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعَى]
بَابٌ) فِي بَيَانِ أَقْسَامِ الصُّلْحِ وَأَحْكَامِهَا وَمَا يُنَاسِبُهَا
وَهُوَ لُغَةً قَطْعُ الْمُنَازَعَةِ وَأَصْلُهُ الْكَمَالُ، يُقَالُ صَلَحَ الشَّيْءُ بِفَتْحِ اللَّامِ وَضَمِّهَا إذَا كَمُلَ وَشَرْعًا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ انْتِقَالٌ عَنْ حَقٍّ أَوْ دَعْوَى بِعِوَضٍ لِرَفْعِ نِزَاعٍ أَوْ خَوْفِ وُقُوعِهِ. وَقَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ هُوَ قَبْضُ شَيْءٍ عَنْ عِوَضٍ يَشْمَلُ مَحْضَ الْبَيْعِ. وَقَوْلُ عِيَاضٍ هُوَ مُعَاوَضَةٌ عَنْ دَعْوَى يَخْرُجُ عَنْهُ صُلْحُ الْإِقْرَارِ. وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ تَابِعًا لِابْنِ شَاسٍ الصُّلْحُ مُعَاوَضَةٌ كَالْبَيْعِ وَإِبْرَاءٌ وَإِسْقَاطُ تَقْسِيمٍ لَهُ لَا تَعْرِيفٌ فَلَا يُتَوَهَّمُ نَقْضُهُ بِمَحْضِ الْبَيْعِ وَهِبَةِ كُلِّ الدَّيْنِ أَوْ بَعْضِهِ لِعَدَمِ انْدِرَاجِهِمَا تَحْتَ مَوْرِدِ التَّقْسِيمِ. الْحَطّ قَدْ يُقَالُ حَدُّهُ غَيْرُ جَامِعٍ لِأَنَّهُ لَا يَشْمَلُ الصُّلْحَ عَلَى بَعْضِ الْحَقِّ الْمُدَّعَى بِهِ. طفي قَدْ يُقَالُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الصُّلْحَ هُوَ الِانْتِقَالُ، بَلْ هُوَ الْمُعَاوَضَةُ وَالِانْتِقَالُ مُفَرَّعٌ عَنْهَا مَعْلُولٌ لَهَا كَمَا أَنَّ الِانْتِقَالَ فِي الْبَيْعِ مُفَرَّعٌ عَنْهُ وَمَعْلُولٌ لَهُ، وَالصُّلْحُ بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ وَهِبَةٌ فَيُفَسَّرُ بِالْمُعَاوَضَةِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ، فَحَدُّ عِيَاضٍ هُوَ الصَّوَابُ وَيُجَابُ عَنْ خُرُوجِ صُلْحِ الْإِقْرَارِ بِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الصُّلْحِ كَوْنُهُ عَنْ إنْكَارٍ فَهُوَ حَدٌّ لِلْغَالِبِ. الْبُنَانِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَقْدَ الْمُعَاوَضَةِ وَالِانْتِقَالِ بِعِوَضٍ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ.
(فَوَائِدُ) الْأُولَى: فِي الْمُقَدِّمَاتِ رُوِيَ «أَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ تَقَاضَى مِنْ ابْنِ أَبِي حَدْرَدٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - دَيْنًا لَهُ فِي الْمَسْجِدِ فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ فِي بَيْتِهِ، فَخَرَجَ حَتَّى كَشَفَ سَجْفَ حُجْرَتِهِ فَنَادَى كَعْبًا فَقَالَ يَا كَعْبُ فَقَالَ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَنْ ضَعْ الشَّطْرَ فَقَالَ كَعْبٌ قَدْ فَعَلْتُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُمْ فَاقْضِهِ» .
الثَّانِيَةُ: فِي التَّوْضِيحِ رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إلَّا صُلْحًا حَرَّمَ حَلَالًا أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute