(بَابٌ) صِحَّةُ الْجُعْلِ
ــ
[منح الجليل]
وَمِنْهُمْ مَنْ رَأَى أَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ الْفَسْخُ مُطْلَقًا، وَيَكُونُ قَوْلُ الْغَيْرِ خِلَافًا، وَهَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ يُونُسَ، فَإِنَّهُ قَالَ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ غَيْرُ مُوَافِقٍ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَّا قَوْلَهُ إذَا أَشْبَهَ قَوْلُ رَبِّهَا أَوْ أَشْبَهَ مَا قَالَا إنَّ الْمُكْتَرِيَ يَلْزَمُهُ أَنْ يَسْكُنَ مَا أَقَرَّ بِهِ الْمُكْرِي، فَهَذَا يُخَالِفُ فِيهِ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَيَرَى أَنَّهُمَا يَحْلِفَانِ وَيُفْسَخُ فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّهَا كَسِلْعَةٍ لَمْ تُقْبَضْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ طفي فَالتَّرَدُّدُ خَاصٌّ بِإِتْيَانِهِمَا بِمَا يُشْبِهُ أَوْ أَشْبَهَ الْمُكْرِي وَحْدَهُ وَمَا عَدَا هَاتَيْنِ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ النَّقْدِ وَعَدَمِهِ، هَكَذَا النَّقْلُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا، وَقَدْ حَرَّرَ " ح "، الْمَسْأَلَةَ وَتَبِعَهُ عج وَالْمَحَلُّ لِلتَّأْوِيلَيْنِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَاب فِي بَيَان أَحْكَام الْجُعْلِ]
(بَابٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْجُعْلِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ (صِحَّةُ) أَيْ مُوَافَقَةُ (الْجُعْلِ) الشَّرْعِ بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ: عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ عَلَى عُمْرِ آدَمِيٍّ بِعِوَضٍ غَيْرِ نَاشِئٍ عَنْ مَحَلِّهِ بِهِ لَا يَجِبُ إلَّا بِتَمَامِهِ لَا بَعْضِهِ بِبَعْضٍ، فَيَخْرُجُ كِرَاءُ السُّفُنِ وَالْمُسَاقَاةُ وَالْقِرَاضُ، وَقَوْلُنَا بِهِ خَوْفُ نَقْضٍ عَكَسَهُ بِقَوْلِهِ: إنْ أَتَيْتنِي بِعَبْدِي الْآبِقِ فَلَكَ عَمَلُهُ كَذَا أَوْ خِدْمَتُهُ شَهْرًا؛ لِأَنَّهُ جُعْلٌ فَاسِدٌ لِجَهْلِ عِوَضِهِ وَالْمُعَرَّفُ حَقِيقَتُهُ الْمُعَرَّضَةُ لِلصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ، وَأَوْجَزُ مِنْهُ مُعَاوَضَةٌ عَلَى عَمَلِ آدَمِيٍّ يَجِبُ عِوَضٌ بِتَمَامِهِ لَا بَعْضِهِ، فَتَخْرُجُ الْمُسَاقَاةُ وَالْإِجَارَةُ لِاسْتِحْقَاقِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ فِيهِمَا، وَالْقِرَاضُ لِعَدَمِ وُجُوبِ عِوَضِهِ لِجَوَازِ تَجْرِهِ وَلَا رِبْحَ، وَقَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ هُوَ جَعْلُ الرَّجُلِ جُعْلًا عَلَى عَمَلِ رَجُلٍ إنْ لَمْ يُكْمِلْهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ يُنْتَقَضُ بِالْقِرَاضِ. الْحَطُّ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: بِهِ يَعُودُ لِلْعَمَلِ، أَيْ بِعِوَضٍ غَيْرِ نَاشِئٍ عَنْ مَحَلِّ الْعَمَلِ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْعَمَلِ، فَتَخْرُجُ الْمُغَارَسَةُ وَالْقِرَاضُ؛ لِأَنَّهُمَا بِعِوَضٍ نَاشِئٍ عَنْ مَحَلِّ الْعَمَلِ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْعَمَلِ، وَتَدْخُلُ الصُّورَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ بِعِوَضٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute