(فَصْلٌ) شَرْطُ الْجُمُعَةِ: وُقُوعُ كُلِّهَا بِالْخُطْبَةِ وَقْتَ الظُّهْرِ لِلْغُرُوبِ، وَهَلْ إنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً
ــ
[منح الجليل]
وَأَفْتَى الْمِسْنَاوِيُّ بِأَنَّ أَهْلَ الْمَدَارِسِ الْمُجَاوِرَةِ لِلْمَسْجِدِ يُنْدَبُ لَهُمْ الْجَمْعُ فِي الْمَسْجِدِ اسْتِقْلَالًا. وَإِنَّ السَّاكِنَ بِهَا يَجُوزُ لَهُ الْجَمْعُ بِهِ إمَامًا؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مُقِيمِينَ فِي الْمَسْجِدِ كَالْمُعْتَكِفِ، بَلْ هُمْ جِيرَانُهُ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ يَجْمَعُ جَارُ الْمَسْجِدِ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِتَبَعِيَّتِهِ لِغَيْرِهِ، وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُ كَجَمَاعَةٍ لَا حَرَجَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ فِي الْمُقِيمِينَ فِي الْمَسْجِدِ، وَدَلِيلُهُ مَا فِي الصَّحِيحِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمَعَ إمَامًا وَحُجْرَتُهُ مُلْتَصِقَةٌ بِالْمَسْجِدِ وَلَهَا خَوْخَةٌ» . إلَيْهِ الْبُنَانِيُّ، وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ إذْ قَدْ نَصَّ ابْنُ يُونُسَ عَلَى أَنَّ قَرِيبَ الدَّارِ مِنْ الْمَسْجِدِ إنَّمَا يَجْمَعُ تَبَعًا لِلْبَعِيدِ، وَنَصُّهُ، وَإِنَّمَا أُبِيحَ الْجَمْعُ لِقَرِيبِ الدَّارِ وَالْمُعْتَكِفِ لِإِدْرَاكِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ. اهـ.
قُلْت لَيْسَ فِي نَصِّ ابْنِ يُونُسَ مَا ادَّعَاهُ مِنْ أَنَّ قَرِيبَ الدَّارِ لَا يَجْمَعُ إلَّا تَبَعًا، وَإِنَّمَا عَلَّلَ بِإِدْرَاكِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ، وَهِيَ الْعِلَّةُ فِي جَمْعِ الْبَعِيدِ أَيْضًا، وَأَيْضًا عَلَى فَرْضِ أَنَّ فِيهِ ذَلِكَ فَلَا يَقْوَى عَلَى مُعَارَضَةِ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَضْلًا عَلَى تَقْدِيمِهِ عَلَيْهِ، فَالْحَقُّ مَا قَالَهُ الْمِسْنَاوِيُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَصْل فِي بَيَان شُرُوط الْجُمُعَةَ وَسُنَنهَا وَمَنْدُوبَاتهَا وَمَكْرُوهَاتهَا وَمُسْقِطَاتهَا]
(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ شُرُوطِ الْجُمُعَةِ وَسُنَنِهَا وَمَنْدُوبَاتِهَا وَمَكْرُوهَاتِهَا وَمُسْقِطَاتِهَا وَمَا يُنَاسِبُهَا (شَرْطُ) صِحَّةِ صَلَاةِ (الْجُمُعَةِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَحُكِيَ إسْكَانُهَا وَفَتْحُهَا، وَكَسْرُهَا (وُقُوعُ) هَا (كُلِّهَا) فَكُلُّ تَوْكِيدٌ لِمَحْذُوفٍ، فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ إنَّ كُلًّا الْمُضَافَ لِلضَّمِيرِ يَلْزَمُ الِابْتِدَاءُ أَوْ التَّوْكِيدُ وَلَا يَتَأَثَّرُ بِعَامِلٍ لَفْظِيٍّ، وَحَذْفُ الْمُؤَكَّدِ بِالْفَتْحِ أَجَازَهُ الْخَلِيلُ وَسِيبَوَيْهِ وَالصَّفَّارُ، وَإِنْ مَنَعَهُ الْأَخْفَشُ وَابْنُ جِنِّيٍّ وَابْنُ مَالِكٍ لِمُنَافَاةِ الْحَذْفِ التَّوْكِيدَ.
وَأَمَّا الْجَوَابُ بِأَنَّ الْعَامِلَ فِي الْمُضَافِ إلَيْهِ الْإِضَافَةُ فَنَخْلُصُ مِنْ ضَعِيفٍ بِضَعِيفٍ أَيْ جَمِيعِهَا (بِالْخُطْبَةِ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ مَعَهَا وَالْمُرَادُ جِنْسُهَا الْمُتَحَقِّقُ فِي خُطْبَتَيْنِ، وَصِلَةُ وُقُوعُ (وَقْتَ الظُّهْرِ) مِنْ الزَّوَالِ (لِلْغُرُوبِ، وَهَلْ) مَحَلُّ صِحَّتِهَا إنْ وَقَعَتْ مَعَ خُطْبَتَيْهَا وَقْتَ الظُّهْرِ (إنْ أَدْرَكَ) أَيْ بَقِيَ بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الْغُرُوبِ مَا يُدْرِكُ فِيهِ (رَكْعَةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute