للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ) النَّذْرُ أَيْ حَقِيقَتُهُ شَرْعًا

النَّذْرُ الْتِزَامُ مُسْلِمٍ كُلِّفَ

ــ

[منح الجليل]

بِحَمْلِ ذَلِكَ عَلَى يَمِينِ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ مُعَيَّنٍ، وَعَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَرَفْعٌ، فَإِنْ اسْتَفْتَى فَيَنْبَغِي الِاتِّفَاقُ عَلَى عَدَمِ حِنْثِهِ.

فَإِنْ قُلْت نِيَّتُهُ مُسَاوِيَةٌ لِظَاهِرِ لَفْظِهِ قُلْت: لَمَّا احْتَمَلَ أَنَّ الْمَعْنَى لَا كَسَوْتُهَا الثَّوْبَيْنِ مَعًا وَلَا كَسَوْتُهَا أَحَدَهُمَا كَانَتْ مُخَالِفَةً لِظَاهِرِ لَفْظِهِ، وَبَقِيَتْ ثَلَاثَةُ أَجْوِبَةٍ فِي كَبِيرِ تت أَفَادَهُ عب. ابْنُ عَرَفَةَ: وَفِيهَا حِنْثُ مَنْ حَلَفَ لَا آكُلُ خُبْزًا وَزَيْتًا بِأَحَدِهِمَا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ جَمْعَهُمَا ثُمَّ قَالَ: وَفِيهَا مَنْ حَلَفَ لَا كَسَا امْرَأَتَهُ هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ وَنِيَّتُهُ لَا كَسَاهَا إيَّاهُمَا جَمِيعًا حَنِثَ بِأَحَدِهِمَا. التُّونُسِيُّ وَاللَّخْمِيُّ وَالصَّقَلِّيُّ يُرِيدُ جَمِيعًا فِي الْكِسْوَةِ لَا الزَّمَانَ، وَحَمَلَهُ أَشْهَبُ عَلَى مَعِيَّةِ الزَّمَانِ فَلَمْ يُحَنِّثْهُ بِأَحَدِهِمَا حَتَّى يَنْوِيَ الْمَعِيَّةَ فِي الْكِسْوَةِ، وَعَزَا عَبْدُ الْحَقِّ مَا لِلتُّونُسِيِّ لِلشَّيْخِ وَزَادَ عَنْهُ فَارَقَ جَوَابَهُ فِي تَنْوِيَتِهِ فِي لَا آكُلُ خُبْزًا وَزَيْتًا لِأَنَّ الْعُرْفَ جَمَعَهُمَا بِخِلَافِ الثَّوْبَيْنِ لَيْسَ الْعُرْفُ جَمَعَهُمَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ فِي النَّذْر]

(بَابٌ) فِي النَّذْرِ (النَّذْرُ) أَيْ حَقِيقَتُهُ شَرْعًا (الْتِزَامُ) أَيْ إيجَابُ شَخْصٍ (مُسْلِمٍ) لَا كَافِرٍ وَنُدِبَ لَهُ وَفَاؤُهُ إنْ أَسْلَمَ (كُلِّفَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا لَا صَبِيٍّ، وَنُدِبَ لَهُ وَفَاؤُهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ، وَمَفْعُولُ الْمَصْدَرِ مَحْذُوفٌ أَيْ قُرْبَةً بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَإِنَّمَا يَلْزَمُ بِهِ مَا نُدِبَ وَعَلَى هَذَا فَهُوَ تَعْرِيفٌ لِلنَّذْرِ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ، وَيُحْتَمَلُ تَقْدِيرُ الْمَفْعُولِ أَمْرًا فَيَعُمَّ الْمَنْدُوبَ وَغَيْرَهُ بِقَرِينَةِ حَذْفِهِ، وَتَعْقِيبُهُ، بِقَوْلِهِ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ بِهِ مَا نُدِبَ، وَعَلَى هَذَا فَهُوَ تَعْرِيفٌ لَهُ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ، وَقَدْ جَمَعَهُمَا ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ: النَّذْرُ الْأَعَمُّ مِنْ الْجَائِزِ إيجَابُ امْرِئٍ عَلَى نَفْسِهِ لِلَّهِ تَعَالَى أَمْرًا لِحَدِيثِ «مَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ» . وَإِطْلَاقُ الْفُقَهَاءِ عَلَى الْمُحَرَّمِ نَذْرًا، وَأَخَصُّهُ الْمَأْمُورُ بِأَدَائِهِ الْتِزَامُ طَاعَةٍ بِنِيَّةِ قُرْبَةٍ لَا لِامْتِنَاعٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>