(بَابٌ) الشُّفْعَةُ أَخْذُ شَرِيكٍ
ــ
[منح الجليل]
[بَاب فِي بَيَان حَقِيقَة الشُّفْعَة وَأَحْكَامهَا]
(الشُّفْعَةُ) بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ. ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ الْأَصْلُ فِي تَسْمِيَتِهَا بِذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ الْجَاهِلَ كَانَ إذَا اشْتَرَى حَائِطًا أَوْ مَنْزِلًا أَوْ شِقْصًا مِنْ حَائِطٍ أَوْ مَنْزِلٍ أَتَاهُ الْمُجَاوِرُ أَوْ الشَّرِيكُ فَشَفَعَ إلَيْهِ أَنْ يُوَلِّيَهُ إيَّاهُ لِيَتَّصِلَ لَهُ الْمِلْكُ أَوْ يَنْدَفِعَ عَنْهُ الضَّرَرُ حَتَّى يُشَفِّعَهُ فِيهِ، فَسُمِّيَ ذَلِكَ شُفْعَةً وَالْآخِذُ شَفِيعًا وَالْمَأْخُوذُ مِنْهُ مَشْفُوعًا عَلَيْهِ، أَيْ حَقِيقَتُهَا شَرْعًا (أَخْذُ شَرِيكٍ) الْحَطّ تَمَامُ الرَّسْمِ قَوْلُهُ مِمَّنْ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ اللَّازِمُ اخْتِيَارًا بِمُعَاوَضَةٍ عَقَارًا بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ قِيمَتِهِ أَوْ قِيمَةِ الشِّقْصِ. اهـ. وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ رَسْمِ ابْنِ الْحَاجِبِ بِأَنَّهَا أَخْذُ الشَّرِيكِ حِصَّةً جَبْرًا شِرَاءً، وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ رَسْمٌ لِلْأَخْذِ بِهَا لَا لِمَاهِيَّتِهَا وَهِيَ غَيْرُ أَخْذِهَا لِأَنَّهَا مَعْرُوضَةٌ لَهُ وَلِنَقِيضِهِ وَهُوَ تَرْكُهَا، وَالْمَعْرُوضُ لِشَيْئَيْنِ مُتَنَاقِضَيْنِ لَيْسَ عَيْنَ أَحَدِهِمَا وَإِلَّا اجْتَمَعَ النَّقِيضَانِ، وَرَسَمَهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهَا اسْتِحْقَاقُ شَرِيكٍ أَخْذَهُ مَبِيعَ شَرِيكِهِ بِثَمَنِهِ اهـ.
الْحَطّ قَدْ يُقَالُ إنَّهُ غَيْرُ جَامِعٍ لِخُرُوجِ الشُّفْعَةِ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ. الْبُنَانِيُّ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الشُّفْعَةَ هِيَ الْأَخْذُ بِالْفِعْلِ، وَلَيْسَتْ مَعْرُوضَةً لَهُ وَلِلتَّرْكِ، إذْ لَا يُصَدَّقُ عَلَى تَرْكِ الْأَخْذِ أَنَّهُ شُفْعَةٌ. قُلْت لَا خَفَاءَ فِي صِحَّةِ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَكَلَامُهُمْ صَرِيحٌ فِيهِ، وَتَعْلِيلُ عَدَمِ ظُهُورِهِ بِعَدَمِ صِدْقِ الشُّفْعَةِ عَلَى تَرْكِ الْأَخْذِ بِهَا غَفْلَةٌ ظَاهِرَةٌ، إذْ ابْنُ عَرَفَةَ صَرَّحَ بِأَنَّهَا لَا تُصَدَّقُ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الْآخِذِ، وَأَنَّهَا مَعْرُوضَةٌ لَهُمَا، وَهَذَا ظَاهِرٌ لَا خَفَاءَ فِيهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَقَوْلُ ابْنِ هَارُونَ فِي رَسْمِ ابْنِ الْحَاجِبِ هُوَ غَيْرُ مَانِعٍ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي وُجُوبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute