(بَابٌ) الرَّهْنُ بَذْلُ مَنْ لَهُ الْبَيْعُ مَا يُبَاعُ، أَوْ غَرَرًا، وَلَوْ اُشْتُرِطَ
ــ
[منح الجليل]
[بَابٌ فِي بَيَان حَقِيقَة وَأَحْكَام الرَّهْن]
بَابُ)
فِي بَيَانِ حَقِيقَةِ وَأَحْكَامِ الرَّهْنِ (الرَّهْنُ) لُغَةً اللُّزُومُ وَالْحَبْسُ، وَكُلُّ مَلْزُومٍ فَهُوَ رَهْنٌ يُقَالُ هَذَا رَهْنٌ لَك أَيْ مَحْبُوسٌ لَك، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدثر: ٣٨] ، أَيْ مَحْبُوسَةٌ، وَالرَّاهِنُ دَافِعُ الرَّهْنِ، وَالْمُرْتَهِنُ بِكَسْرِ الْهَاءِ قَابِضُهُ، وَبِفَتْحِهَا الشَّيْءُ الْمَرْهُونُ، وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى آخِذِهِ لِوَضْعِ الرَّهْنِ عِنْدَهُ وَعَلَى الرَّاهِنِ لِأَنَّهُ مَطْلُوبٌ وَمَأْخُوذٌ مِنْهُ الرَّهْنُ، وَجَمْعُ الرَّهْنِ رِهَانٌ وَرُهُونٌ، وَرَهْنٌ بِضَمِّ الرَّاءِ وَالْهَاءِ. ابْنُ يُونُسَ الرَّهْنُ وَالرِّهَانُ عَرَبِيَّانِ لَكِنَّ الرَّهْنَ بِضَمٍّ فِي جَمْعِ الرَّهْنِ أَكْثَرُ، وَالرِّهَانُ فِي الْخَيْلِ أَكْثَرُ. وَقِيلَ جَمْعُ الرَّهْنِ رِهَانٌ وَجَمْعُ رِهَانٍ رَهْنٌ بِالضَّمِّ فَهُوَ جَمْعُ الْجَمْعِ، يُقَالُ رَهَنْته وَأَرْهَنْتُهُ وَارْتَهَنْته حَكَاهُ السَّمِينُ. وَشَرْعًا يُطْلَقُ مَصْدَرًا بِمَعْنَى الْعَقْدِ، وَاسْمًا لِلشَّيْءِ الْمَرْهُونِ، وَعَرَّفَهُ الْمُصَنِّفُ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ فَقَالَ: الرَّهْنُ (بَذْلُ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ إعْطَاءُ جِنْسٍ شَمِلَ الرَّهْنَ وَغَيْرَهُ وَهُوَ مُضَافٌ لَهُ لِ (مَنْ) أَيْ شَخْصٍ إضَافَةَ مَصْدَرٍ لِفَاعِلِهِ (لَهُ الْبَيْعُ) لِتَمْيِيزِهِ لِإِخْرَاجِ بَذْلِ مَنْ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ لِعَدَمِ تَمْيِيزِهِ، وَمَفْعُولُ الْبَذْلِ (مَا) أَيْ شَيْئًا (يُبَاعُ) أَخْرَجَ بِهِ بَذْلَ مِنْ لَهُ الْبَيْعُ مَا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ كَخَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ وَمَيْتَةٍ وَكَلْبٍ، وَلَمَّا خَرَجَ بِقَوْلِهِ مَا يُبَاعُ بَذْلُ مَا فِيهِ غَرَرٌ وَكَانَ رَهْنُهُ صَحِيحًا، عَطَفَهُ عَلَى مَا يُبَاعُ لِإِدْخَالِهِ فَقَالَ (أَوْ) بَذْلُ مَنْ لَهُ الْبَيْعُ (غَرَرًا) أَيْ شَيْئًا فِيهِ غَرَرٌ غَيْرُ شَدِيدٍ كَآبِقٍ وَشَارِدٍ لِأَنَّ لِلْمَالِكِ دَفْعُ مَالِهِ قَرْضًا أَوْ بَيْعًا لِأَجَلٍ بِلَا تَوَثُّقٍ فِيهِ بِشَيْءٍ، فَجَازَ تَوَثُّقُهُ فِيهِ بِمَا فِيهِ غَرَرٌ لِأَنَّهُ شَيْءٌ فِي الْجُمْلَةِ خَيْرٌ مِنْ لَا شَيْءَ، فَإِنْ اشْتَدَّ كَالْجَنِينِ فَلَا يَجُوزُ عَلَى الْمَعْرُوفِ.
وَسَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ رَهْنُهُ فِي الْبَيْعِ أَوْ الْقَرْضِ، بَلْ (وَلَوْ اُشْتُرِطَ) رَهْنُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute