(بَابٌ)
ــ
[منح الجليل]
[بَابٌ فِي بَيَان أَسْبَاب الْحَجَر أَوْ الْوَسْوَاسِ أَوْ صَرْعٍ الْحَجَرُ عَلَيْهِ]
بَابٌ) فِي بَيَانِ أَسْبَابِ الْحَجْرِ وَأَحْكَامِهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَهُوَ لُغَةً الْمَنْعُ، وَشَرْعًا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ مَنْعَ مَوْصُوفِهَا مِنْ نُفُوذِ تَصَرُّفِهِ فِي الزَّائِدِ عَلَى قُوتِهِ أَوْ تَبَرُّعِهِ بِمَالِهِ، قَالَ وَبِهِ دَخَلَ حَجْرُ الْمَرِيضِ وَالزَّوْجَةِ اهـ. الْحَطّ إنَّ حَجْرَهُمَا لَمْ يَدْخُلْ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ " بِمَالِهِ " كُلَّ مَالِهِ لَمْ يَدْخُلْ الْحَجْرُ عَلَيْهِمَا فِي تَبَرُّعِهِمَا بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ، وَلَمْ يَبْلُغْ كُلَّ الْمَالِ، وَإِنْ أَرَادَ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ فَبَيِّنٌ فَسَادُهُ، وَإِنْ أَرَادَ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَلَا قَرِينَةَ تَدُلُّ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَشْمَلْ حَدُّهُ الْحَجْرَ عَلَى الرَّاهِنِ فِي تَصَرُّفِهِ فِي الرَّهْنِ وَمَنْ جَنَى رِقَّهُ مِنْ تَصَرُّفِهِ فِيهِ قَبْلَ تَحَمُّلِهِ أَرْشَ الْجِنَايَةِ فَإِنَّهُمَا مَمْنُوعَانِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِمَا مُطْلَقًا.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ التَّبَرُّعُ بِكُلِّ مَالِهِ كَمَا تُفِيدُهُ الْإِضَافَةُ وَيَدْخُلُ فِيهِ حَجْرُ الزَّوْجَةِ وَالْمَرِيضِ. لِمَنْعِهِمَا مِنْ التَّبَرُّعِ بِكُلِّ مَالِهِمَا، وَجَوَازِ تَبَرُّعِهِمَا بِالثُّلُثِ فَدُونَهُ شَيْءٌ آخَرُ يُعْلَمُ مِنْ خَارِجٍ. وَقَالَ طفي: تَعْرِيفُ ابْنِ عَرَفَةَ لَمْ يُطَابِقْ مَعْنَاهُ لُغَةً وَلَا شَرْعًا لِأَنَّهُ فِي اللُّغَةِ الْمَنْعُ، وَفِي الشَّرْعِ الْمَنْعُ مِنْ شَيْءٍ خَاصٍّ، كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَعِيَاضٌ وضيح، وَاعْتَرَفَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ، فَحَدَّهُ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّهُ الْمَنْعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ. وَفِي الذَّخِيرَةِ بِأَنَّهُ الْمَنْعُ مِنْ التَّصَرُّفِ، وَنَقَلَهُ فِي التَّنْبِيهَاتِ. وَفِي التَّوْضِيحِ مَنْعُ الْمَالِكِ التَّصَرُّفَ فِي مَالِهِ لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ، هَذَا مَعْنَاهُ فِي الِاصْطِلَاحِ يُطْلِقُونَهُ عَلَى أَصْلِهِ أَصْلًا، وَلِذَا يَقُولُونَ يَحْجُرُ الْوَلِيُّ وَالْحَاكِمُ وَيَنْفَكُّ الْحَجْرُ بِكَذَا، وَيُحْجَرُ بِكَذَا وَابْنُ عَرَفَةَ نَفْسُهُ مُعْتَرِفٌ بِذَلِكَ، وَلِذَا قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute