وَلَمْ يَشْهَدْ شَاهِدُهَا إلَّا بِهَا.
ــ
[منح الجليل]
وَلَمْ يَشْهَدْ) أَيْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ (شَاهِدُهَا) أَيْ الشَّاهِدُ الَّذِي كَتَبَ شَهَادَتَهُ بِخَطِّهِ فِي الْوَثِيقَةِ وَهُوَ يَشْمَلُ الشَّاهِدَيْنِ فَأَكْثَرَ بِإِضَافَتِهِ لِلضَّمِيرِ بِمَا فِيهَا مِنْ الدَّيْنِ (إلَّا بِ) رُئِيَتْ (هَا) أَيْ لِاحْتِمَالِ قَضَاءِ مَا فِيهَا كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ، وَكُتِبَ ذَلِكَ عَلَيْهَا بِخَطِّ رَبِّ الدَّيْنِ أَوْ عَدْلَيْنِ.
تت صَاحِبُ التَّكْمِلَةِ هَذِهِ مَسْأَلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ أَيْ مَنْ زَعَمَ سُقُوطَ وَثِيقَتِهِ وَطَالَبَ بِمَا فِيهَا وَزَعَمَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ رَدَّ الدَّيْنِ فَلَا يَشْهَدُ شَاهِدُ الْحَقِّ إلَّا بَعْدَ حُضُورِ الْوَثِيقَةِ الَّتِي فِيهَا خَطُّهُ، كَذَا فِي كَافِي أَبِي عُمَرَ. اهـ. وَظَاهِرُ تَقْرِيرِ الشَّارِحِ أَنَّ قَوْلَهُ كَوَثِيقَةٍ إلَخْ مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ الْقَوْلُ فِيهَا قَوْلُ الْمَدِينِ إذَا زَعَمَ رَبُّهَا أَنَّهَا سَقَطَتْ وَلَمْ يَقْبِضْ مَا فِيهَا، وَقَالَ الْمَدِينُ بَلْ أَقَبَضْته وَامْتَنَعَ شَاهِدُهَا أَنْ يَشْهَدَ إلَّا بَعْدَ إحْضَارِهِمَا. اهـ. وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَفِيهَا إشْكَالٌ لِأَنَّ الْمَدِينَ مُقِرٌّ بِالدَّيْنِ مُدَّعٍ قَضَاءَهُ فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ لِلْقَضَاءِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
طفي لَا إشْكَالَ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِهِ عَارَضَهُ عَدَمُ وُجُودِ الْوَثِيقَةِ الدَّالَّةِ عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ، وَذَكَرَ نَصُّ الْمُتَيْطِيَّةِ عَنْ الْكَافِي الْمُتَقَدِّمِ ثُمَّ قَالَ فَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِإِقْرَارِهِ بِالدَّيْنِ لِاسْتِنَادِهِ لِمَا عَلَيْهِ أَكْثَرُ النَّاسِ، فَلَا إشْكَالَ لِمَنْ تَأَمَّلَ وَأَنْصَفَ، وَمَعْنَى قَوْلِ أَبِي عُمَرَ لَمْ يَشْهَدْ لَا عِبْرَةَ بِشَهَادَتِهِ لِتَصْدِيقِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ يَصْدُقُ، فَأَطْلَقَ لَمْ يَشْهَدْ تَصْدِيقَهُ بِدَلِيلِ آخِرِ كَلَامِهِ، وَإِلَّا فَالشَّهَادَةُ هُنَا لَا فَائِدَةَ فِيهَا لِإِقْرَارِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِمَا تَضَمَّنَتْهُ الْوَثِيقَةُ مِنْ شَهَادَتِهِ.
وَيُمْكِنُ حَمْلُ قَوْلِهِ وَلَمْ يَشْهَدْ شَاهِدٌ إلَّا بِهَا عَلَى غَيْرِ فَرْضِ أَبِي عُمَرَ، وَأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ مُنْكِرٌ لِأَصْلِ الدَّيْنِ، فَفِي كِتَابِ الِاسْتِغْنَاءِ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ فِيمَنْ أَشْهَدَ فِي ذِكْرِ حَقٍّ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ ضَاعَ وَسَأَلَ أَنَّ الشُّهُودَ أَنْ يَشْهَدُوا بِمَا حَفِظُوا فَلَا يَشْهَدُوا وَإِنْ كَانُوا حَافِظِينَ لِمَا فِيهِ خَوْفَ أَنْ يَكُونَ قَدْ اقْتَضَى وَمَحْكِيُّ الْكِتَابِ، فَإِنْ جَهِلُوا وَشَهِدُوا بِذَلِكَ قَضَى بِهِ. وَقَالَ مُطَرِّفٌ بَلْ يَشْهَدُونَ بِمَا حَفِظُوا إنْ كَانَ الطَّالِبُ مَأْمُونًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَأْمُونًا فَقَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَحَبُّ إلَيَّ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute