فَصْلٌ) الْوَلَاءُ لِمُعْتِقٍ، وَإِنْ بِبَيْعٍ مِنْ نَفْسِهِ، أَوْ عِتْقِ غَيْرٍ عَنْهُ؛ بِلَا إذْنٍ؛
ــ
[منح الجليل]
[فَصْلٌ أَحْكَام الْوَلَاء]
بَابٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْوَلَاءِ (الْوَلَاءُ) بِفَتْحِ الْوَاوِ مَمْدُودًا مِنْ الْوِلَايَةِ بِمَعْنَى الْقُرْبِ، وَأَصْلُهُ مِنْ الْوَلِيِّ، وَإِمَّا مِنْ الْوِلَايَةِ وَالتَّقْدِيمِ فَبِكَسْرِ الْوَاوِ وَقِيلَ بِهِمَا فِيهِمَا. ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ» ، رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ، ثُمَّ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ. الْأَبِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ تَعْرِيفٌ لِحَقِيقَتِهِ شَرْعًا، فَلَا يُمْكِنُ حَدُّهُ بِمَا هُوَ أَتَمُّ مِنْهُ الرَّصَّاعُ فَلِذَا لَمْ يَحُدَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا غَيْرُهُ، وَرُوِيَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لُحْمَةٌ بِضَمِّ اللَّامِ وَفَتْحِهَا أَيْ تَعَلُّقٌ وَاتِّصَالٌ وَارْتِبَاطٌ (لِمُعْتِقٍ) بِكَسْرِ التَّاءِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» ، أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فَشَمِلَ مَنْ أَعْتَقَ غَيْرُهُ عَنْهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَالْوَلَاءُ بِالْمُبَاشَرَةِ وَالْوَلَاءُ بِالْجَرِّ.
وَسَوَاءٌ كَانَ الْعِتْقُ مُنَجَّزًا أَوْ لِأَجَلٍ أَوْ تَدْبِيرًا أَوْ كِتَابَةً أَوْ إيلَادًا أَوْ بَيْعًا مِنْ نَفْسِ الرَّقِيقِ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ بِقَرَابَةٍ أَوْ سِرَايَةٍ أَوْ تَمْثِيلٍ، بَلْ (وَإِنْ كَانَ) الْإِعْتَاقُ (بِبَيْعٍ) لِلْعَبْدِ (مِنْ نَفْسِهِ) وَلَوْ فَاسِدًا كَمَا تَقَدَّمَ، فَالْوَلَاءُ عَلَيْهِ لِسَيِّدِهِ، وَلَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَخْذِهِ الْمَالَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا وَلَاءَ لَهُ عَلَيْهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى نَزْعِهِ مِنْهُ وَإِبْقَائِهِ رِقًّا. الْبُنَانِيُّ: لَوْ قَالَ وَإِنْ بِعِوَضٍ لَكَانَ أَحْسَنَ لِشُمُولِهِ أَخْذَهُ عِوَضًا مِنْ أَجْنَبِيٍّ لِاعْتِقَاقِهِ عَنْ نَفْسِ سَيِّدِهِ، فَإِنْ كَانَ لِإِعْتَاقِهِ عَنْ دَافِعِ الْمَالِ فَالْوَلَاءُ لَهُ (أَوْ عِتْقِ غَيْرٍ عَنْهُ) أَيْ الْمُعْتَقِ عَنْهُ (بِلَا إذْنٍ) مِنْ الْمُعْتَقِ عَنْهُ فَوَلَاءُ الْعَتِيقِ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ.
ابْنُ عَرَفَةَ الْوَلَاءُ لِمَنْ ثَبَتَ الْعِتْقُ عَنْهُ وَلَوْ بِعِوَضٍ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ مَا لَمْ يَمْنَعْهُ مَانِعٌ. أَبُو عُمَرَ مَنْ أَعْتَقَ عَنْ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَمَشْهُورُ مَذْهَبِ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عِنْدَ أَكْثَرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute