للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[منح الجليل]

بِطَلَبِهِ عَلَى مِثْلِ حُجَّتِهَا لَا يَقْطَعُ حَقَّهَا طُولُ سُكُوتِهَا فِي مُوَرَّثِهَا مِنْ زَوْجِهَا الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ حَالَ الْوَرَثَةِ عِنْدِي فِي هَذَا مُخَالِفٌ لِغَيْرِهِمْ إلَّا أَنْ يَكُونُوا اقْتَسَمُوا بِعِلْمِهَا حَتَّى صَارَ كُلُّ وَاحِدٍ بِنَصِيبِهِ مِنْ الْإِرْثِ، وَبِأَنَّ بِحَقِّهِ مِنْ أَثْمَانِ مَا بَاعُوا وَبِحَقِّهِ مِمَّا اقْتَسَمُوا مِنْ الرَّقِيقِ وَالْعُرُوضِ وَهِيَ سَاكِتَةٌ عَالِمَةٌ لَا تَدَّعِي شَيْئًا، فَهَذَا الَّذِي يَقْطَعُ حُجَّتَهَا وَيُبْطِلُ طَلَبَهَا.

قُلْت فَإِنْ لَمْ يَقْتَسِمُوا بِبَيِّنَةٍ وَاقْتَطَعَ كُلُّ وَارِثٍ أَرْضًا يَزْرَعُهَا وَتُنْسَبُ إلَيْهِ أَوْ دَارًا يَسْكُنُهَا أَوْ رَقِيقًا يَخْتَدِمُهُ أَوْ بَقَرًا أَوْ غَنَمًا يَحْتَلِبُهَا أَوْ دَوَابَّ يَسْتَغِلُّهَا فَكُلُّ وَارِثٍ قَبَضَ مِمَّا نَصَصْت لَك شَيْئًا قَدْ بَانَ بِمَنْفَعَتِهِ دُونَ إشْرَاكِهِ فَإِلَيْهِ يُنْسَبُ وَلَهُ يُعْرَفُ، وَلَوْ كُلِّفُوا الْبَيِّنَةَ عَلَى الِاقْتِسَامِ لَمْ يَجِدُوهَا لِطُولِ الزَّمَانِ، وَلَيْسَ فِي يَدِ الْمَرْأَةِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ فِي يَدِهَا شَيْءٌ يَسِيرٌ، أَتَرَى هَذَا إذَا طَالَ الزَّمَانُ يَقْطَعُ حَقَّهَا مِنْ الْمَوْرُوثِ؟ قَالَ أَرَى هَذَا يَمْنَعُهَا مِنْ أَخْذِ حَقِّهَا. ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا أَرَى أَنْ يَقْطَعَ حَقَّهَا سُكُوتُهَا مِثْلُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلَ هَذَا إنَّهُ لَا حِيَازَةَ بَيْنَ الْأَقَارِبِ، وَقَوْلِهِ أَوْ دَوَابَّ يَسْتَغِلُّهَا هَلْ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الِانْتِفَاعِ بِالسُّكْنَى وَالِاسْتِخْدَامِ لَا تَقَعُ الْحِيَازَةُ بِهِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ أَوْ تَقَعُ بِهِ الْحِيَازَةُ بَيْنَهُمْ، وَأَظُنُّ أَنَّهُ وَقَعَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ أَوْ دَوَابَّ يَسْتَعْمِلُهَا وَهُوَ طَرْدٌ عَلَى مَا ذَكَرَهُ. اهـ. فَقَدْ ظَهَرَ لَك أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ سَوَّى بَيْنَ الْأُصُولِ وَغَيْرِهَا فِي الْأَجَانِبِ وَالْأَقَارِبِ، وَلَمْ أَرَ التَّفْصِيلَ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ أَنَّ التَّفْرِيقَ فِي الْأَجْنَبِيِّ فَقَطْ إلَّا أَنَّهُ رَجُلٌ حَافِظٌ، وَلَعَلَّهُ تَفَقُّهٌ لَهُ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ.

وَقَدْ جَرَى الْحَطّ عَلَى طَرِيقِ ابْنِ رُشْدٍ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ. وَأَمَّا عج فَقَالَ اعْتِرَاضُ ابْنِ مَرْزُوقٍ صَحِيحٌ، بَلْ رُبَّمَا يَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ لَهُ لِمُوَافَقَتِهِ لِمَا فِي النَّوَادِرِ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ. اهـ. كَلَامُ طفى وَقَدْ اخْتَصَرَهُ الْبُنَانِيُّ وَأَقَرَّهُ. أَقُولُ فِي قَوْلِهِ وَأَمَّا ابْنُ الْقَاسِمِ فَقَدْ سَوَّى بَيْنَ الْأُصُولِ وَغَيْرِهَا نَظَرٌ، فَإِنَّ نَصَّ الْمُدَوَّنَةِ لَا يُقَيِّدُ ذَلِكَ، إذْ الظَّاهِرُ أَنَّ التَّشْبِيهَ فِيهِ فِي التَّفْوِيتِ وَعَدَمِ سَمَاعِ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةِ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مُدَّةُ الْحِيَازَةِ، بِدَلِيلِ ذِكْرِهِ وَطْءَ الْأَمَةِ الَّذِي لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ طُولُ الْمُدَّةِ، وَبِدَلِيلِ تَخْصِيصِ الرُّبَاعِ فِي قَوْلِهِ وَلَمْ يَحُدَّ لِي مَالِكٌ فِي الْحِيَازَةِ فِي الرُّبَاعِ إلَخْ، وَبِدَلِيلِ تَقْدِيمِ التَّشْبِيهِ عَلَى بَيَانِ الْمُدَّةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

[بَاب فِي بَيَان أَحْكَام الدِّمَاء وَالْقِصَاص وَمَا يَتَعَلَّق بِذَلِكَ] ١

<<  <  ج: ص:  >  >>