للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَصْلٌ) عَقْدُ الْجِزْيَةِ: إذْنُ الْإِمَامِ لِكَافِرٍ:

ــ

[منح الجليل]

[فَصْلٌ فِي عَقْدُ الْجِزْيَةِ]

(فَصْلٌ) فِي الْجِزْيَةِ وَأَحْكَامِهَا ابْنُ عَرَفَةَ الْجِزْيَةُ الْعَنْوِيَّةُ مَا لَزِمَ الْكَافِرَ مِنْ مَالٍ لَا مِنْهُ بِاسْتِقْرَارِهِ تَحْتَ حُكْمِ الْإِسْلَامِ وَصَوْنِهِ اهـ. وَفِي الْجَوَاهِرِ عَقْدُ الذِّمَّةِ الْتِزَامُ تَقْرِيرِهِمْ فِي دَارِنَا وَحِمَايَتِهِمْ وَالذَّبِّ عَنْهُمْ بِشَرْطِ بَذْلِ الْجِزْيَةِ وَالِاسْتِسْلَامِ مِنْهُمْ.

(عَقَدَ الْجِزْيَة) الرَّمَاصِيُّ صَوَابُهُ الذِّمَّةُ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ لِأَنَّ الْجِزْيَةَ اصْطِلَاحًا هِيَ الْمَالُ الْمَأْخُوذُ مِنْهُمْ فَلَا مَعْنَى لِإِضَافَةِ الْعَقْدِ إلَيْهِ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمَأْذُونَ فِيهِ، فَفِي الْحَدِّ خَفَاءٌ وَتَعْمِيَةٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ يُفْهَمُ مِنْ السِّيَاقِ، وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ صَاحِبِ الْجَوَاهِرِ عَقْدُ الذِّمَّةِ وَالنَّظَرُ فِي أَرْكَانِهِ وَأَحْكَامِهِ. الرُّكْنُ الْأَوَّلُ نَفْسُ الْعَقْدِ وَهُوَ الْتِزَامُ تَقْرِيرِهِمْ فِي دَارِنَا وَحِمَايَتِهِمْ وَالذَّبِّ عَنْهُمْ بِشَرْطِ بَذْلِ الْجِزْيَةِ وَالِاسْتِسْلَامِ مِنْ جِهَتِهِمْ. ثُمَّ قَالَ الرُّكْنُ الثَّانِي الْعَاقِدُ وَهُوَ الْإِمَامُ فَانْظُرْ كَيْفَ أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى الذِّمَّةِ، وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ حَوَّمَ عَلَى عِبَارَتِهِ فَلَمْ يُسَاعِدْهُ الْمَرَامُ، فَقَوْلُهُ إذْنُ الْإِمَامِ هُوَ قَوْلُ ابْنِ شَاسٍ الْتِزَامُ تَقْرِيرِهِمْ إذْ الِالْتِزَامُ وَالْإِذْنُ مُتَلَازِمَانِ، وَالْمَأْذُونُ فِيهِ تَقْرِيرُهُمْ فِي دَارِنَا وَحِمَايَتُهُمْ وَالذَّبُّ عَنْهُمْ إلَّا أَنَّ الْحِمَايَةَ وَالذَّبَّ الْمُطَابِقَ لَهُمَا الِالْتِزَامُ لَا الْإِذْنُ، فَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَاصِرَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ. ابْنُ الْأَثِيرِ فِي نِهَايَتِهِ الْجِزْيَةُ الْمَالُ الَّذِي يَعْقِدُ عَلَيْهِ الْكِتَابِيُّ الذِّمَّةَ (إذْنُ الْإِمَامِ لِكَافِرٍ) وَلَوْ قُرَشِيًّا فَتُؤْخَذُ مِنْهُمْ عَلَى الرَّاجِحِ وَمَا لِلشَّارِحِ أَنَّهَا لَا تُؤْخَذُ مِنْهُمْ اتِّفَاقًا طَرِيقَةٌ اهـ.

الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ تُؤْخَذُ مِنْهُمْ عَلَى الرَّاجِحِ إلَخْ أَيْ لِأَنَّهُ الْمَشْهُورُ عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ. وَقَالَ الْمَازِرِيُّ إنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَهُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ وَلِابْنِ رُشْدٍ طَرِيقَةٌ أُخْرَى لَا تُؤْخَذُ مِنْهُمْ إجْمَاعًا، إمَّا لِمَكَانَتِهِمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ لِأَنَّ قُرَيْشًا أَسْلَمُوا كُلُّهُمْ، فَإِنْ وُجِدَ كَافِرٌ فَمُرْتَدٌّ الْمَازِرِيُّ وَإِنْ ثَبَتَتْ الرِّدَّةُ فَلَا يُخْتَلَفُ فِي عَدَمِ أَخْذِهَا مِنْهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>