مِنْ الْعَصْرِ؟ وَصُحِّحَ، أَوْ لَا: رُوِيَتْ عَلَيْهِمَا:
بِاسْتِيطَانِ بَلَدٍ
ــ
[منح الجليل]
مِنْ الْعَصْرِ) فَإِنْ لَمْ يَبْقَ لَهُ مَا يَسَعُ رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ فَلَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ وَتَتَعَيَّنُ صَلَاةُ الظُّهْرِ.
(وَصُحِّحَ) هَذَا الْقَوْلُ، وَهِيَ رِوَايَةُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، بِضَمِّ الصَّادِ، وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ مُثَقَّلًا أَيْ صَحَّحَهُ عِيَاضٌ، وَهُوَ ضَعِيفٌ قَالَهُ الْعَدَوِيُّ، وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ لِلْغُرُوبِ أَيْ لِقُرْبِهِ بِنَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ الْوَقْتَ إذَا ضَاقَ اخْتَصَّ بِالْأَخِيرَةِ (أَوْ لَا) يُشْتَرَطُ بَقَاءُ رَكْعَةٍ لِلْعَصْرِ قَبْلَ الْغُرُوبِ، وَهِيَ رِوَايَةُ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَهُوَ الرَّاجِحُ. فَقَوْلُهُ لِغُرُوبٍ عَلَى هَذَا أَيْ حَقِيقَةً، وَهَذَا عَلَى عَدَمِ اخْتِصَاصِ الْوَقْتِ إذَا ضَاقَ بِالْأَخِيرَةِ وَصَدَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ لِكَوْنِهِ الْمُعْتَمَدَ.
ثُمَّ حَكَى الْخِلَافَ كَمَا هُوَ إصْلَاحُهُ، أَوْ أَنَّهُ اسْتَعْمَلَ قَوْلَهُ لِلْغُرُوبِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ مَذْهَبُ الْأُصُولِيِّينَ. وَعَلَى كُلٍّ لَا يُقَالُ جَزْمُهُ بِهِ أَوَّلًا يُنَافِي حِكَايَةَ الْخِلَافِ بَعْدَهُ وَالْجُمُعَةُ فِي الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ كَالظُّهْرِ فِي الْمُخْتَارِ وَالضَّرُورِيِّ، فَلَيْسَ جَمِيعُهُ مُخْتَارًا لَهَا فِي جَوَابِ الِاسْتِفْهَامِ قَوْلَانِ (رُوِيَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ وَسُكُونِ تَاءِ التَّأْنِيثِ أَيْ نُقِلَتْ الْمُدَوَّنَةُ (عَلَيْهِمَا) أَيْ الْقَوْلَيْنِ الْمَفْهُومَيْنِ مِنْ سِيَاقِ الْكَلَامِ، فَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عَتَّابٍ لَهَا، وَإِذَا أَخَّرَ الْإِمَامُ الصَّلَاةَ حَتَّى دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ فَلْيُصَلِّ الْجُمُعَةَ مَا لَمْ تَغِبْ الشَّمْسُ، وَإِنْ كَانَ لَا يُدْرِكُ الْعَصْرَ إلَّا بَعْدَ الْغُرُوبِ. وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِهِ، وَإِذَا أَخَّرَ الْإِمَامُ الصَّلَاةَ حَتَّى دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ فَلْيُصَلِّ الْجُمُعَةَ مَا لَمْ تَغِبْ الشَّمْسُ، وَإِنْ كَانَ لَا يُدْرِكُ بَعْضَ الْعَصْرِ إلَّا بَعْدَ الْغُرُوبِ. عِيَاضٌ هَذَا أَصَحُّ، وَأَشْبَهُ بِرِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -.
وَظَاهِرُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ بِسَجْدَتَيْهَا قَبْلَ الْغُرُوبِ، وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ صِحَّتُهَا أَبُو بَكْرٍ التُّونُسِيُّ فَإِنْ عَقَدَ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا قَبْلَ الْغُرُوبِ فَخَرَجَ وَقْتُهَا أَتَمَّهَا جُمُعَةً، وَإِنْ لَمْ يَعْقِدْ ذَلِكَ بَنَى، وَأَتَمَّهَا ظُهْرًا، وَهَذَا إذَا دَخَلَ مُعْتَقِدًا اتِّسَاعَ الْوَقْتِ لِرَكْعَتَيْنِ أَوْ لِثَلَاثٍ، أَمَّا لَوْ دَخَلَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَسَعُ إلَّا رَكْعَةٌ بَعْدَ الْخُطْبَةِ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِهَا وَلَا يُتِمُّهَا جُمُعَةً بَعْدَ الْغُرُوبِ، هَذَا الَّذِي ارْتَضَاهُ مُصْطَفَى.
(بِاسْتِيطَانِ بَلَدٍ) أَيْ سُكْنَاهُ لَا بِنِيَّةِ الِانْتِقَالِ مِنْهُ، وَالْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الِاسْتِيطَانَ شَرْطُ وُجُوبٍ كَمَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ فَذِكْرُهُ هُنَا مَعَ شُرُوطِ الصِّحَّةِ يُوهِمُ أَنَّهُ مِنْهَا وَلَيْسَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute