وَلَوْ ذُبِحَتْ؛ لَا بَيْعٌ بَعْدَهُ فِي دَيْنٍ.
ــ
[منح الجليل]
قَالَ طفي هَذَا وَهْمٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ الَّذِي قَالَ التُّونُسِيُّ إنَّهُ الْأَشْبَهُ أَكْلُهَا بِلَا قَسْمٍ وَنَصُّ التُّونُسِيُّ بَعْدَ عَزْوِهِ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا تُؤْكَلُ وَلَا تُقْسَمُ وَلِأَشْهَبَ الْقَسْمُ. وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَشْبَهُ؛ لِأَنَّهَا قَدْ وَجَبَتْ قُرْبَةً بِالذَّبْحِ وَاتُّفِقَ عَلَى أَنَّهَا لَا تُبَاعُ فِي الدَّيْنِ فَأَشْبَهَتْ الْحَبْسَ يَنْتَفِعُ الْوَرَثَةُ بِهَا غَيْرَ أَنَّهُمْ جَعَلُوا لِجَمِيعِ الْوَرَثَةِ مِنْ زَوْجَةٍ وَغَيْرِهَا فِيهَا حَقًّا لِقَصْدِ الْمَيِّتِ ذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَزِيدَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ فِي حَظِّهِ عَلَى الِانْتِفَاعِ بِهَا، فَيَكُونُ عَلَى هَذَا حَظِّ الْأُنْثَى كَحَظِّ الذَّكَرِ إذَا تَسَاوَيَا فِي الْأَكْلِ. اهـ. وَنَقَلَهُ الْمُوضِحُ
قُلْت: إذَا تَأَمَّلْت ذَلِكَ عَلِمْت أَنَّ الْوَهْمَ مِنْ طفي مِنْ الْحَطّ وَأَنَّ كَلَامَ التُّونُسِيِّ شَاهِدٌ عَلَيْهِ لَا لَهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ إنَّمَا هُوَ نَفْيُ الْقَسْمِ عَلَى الْمِيرَاثِ لَا نَفْيُهُ مُطْلَقًا، وَلِأَنَّ قَوْلَهُ جَعَلُوا لِجَمِيعِ الْوَرَثَةِ فِي ذَلِكَ حَقًّا مَعَ قَوْلِهِ وَيَكُونُ حَظُّ الْأُنْثَى كَحَظِّ الذَّكَرِ صَرِيحٌ فِي الْقَسْمِ عَلَى الرُّءُوسِ الَّذِي عَزَاهُ لَهُ الْحَطّ، وَأَيْضًا لَا مَعْنَى لِأَكْلِهِمْ لَهَا وَانْتِفَاعِهِمْ بِهَا إلَّا قَسْمُهَا عَلَى رُءُوسِهِمْ، وَأَيْضًا لَوْ كَانَ الْمُرَادُ مَا ذَكَرَهُ طفي مِنْ أَكْلِهَا بِلَا قَسْمٍ أَصْلًا لَكَانَ قَوْلًا رَابِعًا وَهَذَا ابْنُ رُشْدٍ حَافِظُ الْمَذْهَبِ، وَكَذَا ابْنُ عَرَفَةَ لَمْ يَحْفَظَا إلَّا الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ، وَنَاهِيك بِحِفْظِهِمَا فَلَوْ وَجَدَ مَا أَغْفَلَاهُ فَتَبَيَّنَ أَنَّ مَا اخْتَارَهُ التُّونُسِيُّ وَعَزَاهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ ثَالِثُ الْأَقْوَالِ الَّذِي عَزَاهُ ابْنُ رُشْدٍ فِيمَا تَقَدَّمَ لِظَاهِرِ الْوَاضِحَةِ، وَقَدْ حَمَلَ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ سَمَاعَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي رَسْمِ سَنَّ وَنَصُّ السَّمَاعِ وَلَكِنْ أَرَى فِي لَحْمِ الْأَضَاحِيِّ أَنْ يَقْسِمَهُ وَرَثَتُهُ.
ابْنُ رُشْدٍ الْأَظْهَرُ إذْ خَصَّ الْوَرَثَةَ وَأَنْزَلَهُمْ فِيهِ مَنْزِلَةَ الْمَيِّتِ أَنْ لَا يَقْسِمُوهُ عَلَى الْمِيرَاثِ وَأَنْ يَقْسِمُوهُ عَلَى قَدْرِ مَا يَأْكُلُونَ فَيَكُونُونَ كَأَنَّهُمْ لَمْ يَقْسِمُوهُ إذْ قَدْ قِيلَ إنَّ الْقِسْمَةَ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ اهـ.
وَلِلْوَرَثَةِ قَسْمُهَا إنْ لَمْ تُذْبَحْ بَلْ (وَلَوْ ذُبِحَتْ) قَبْلَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ أَوْ بَعْدَهُ (لَا) يَجُوزُ (بَيْعٌ) لِلضَّحِيَّةِ أَوْ بَعْضِهَا (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الذَّبْحِ (فِي دَيْنٍ) عَلَى الْمُوَرِّثِ، وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّهُ لَا مِيرَاثَ إلَّا بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ مِنْ قُوتِهِ الْمَأْذُونِ فِيهِ مَعَ أَنَّهَا قُرْبَةٌ وَتَعَيَّنَتْ بِذَبْحِهَا لَمْ يَقْضِ مِنْهَا دَيْنَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute