لَا بِسَبْقِ لِسَانِهِ. وَكَعِزَّةِ اللَّهِ، وَأَمَانَتِهِ، وَعَهْدِهِ، وَعَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ؛ إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْمَخْلُوقَ،
ــ
[منح الجليل]
مُقَدَّرٍ وَلَيْسَ بِيَمِينٍ كَالْكَعْبَةِ.
وَأُخْرِجَ مِنْ مُقَدَّرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ دُيِّنَ أَيْ وَلَمْ تَلْزَمْهُ يَمِينٌ
فَقَالَ (لَا بِسَبْقِ لِسَانِهِ) إلَى الْيَمِينِ فَتَلْزَمُهُ الْيَمِينُ وَلَيْسَ مُخْرَجًا مِنْ قَوْلِهِ دُيِّنَ لِاقْتِضَائِهِ عَدَمَ قَبُولِ قَوْلِهِ مَعَ أَنَّهُ مَقْبُولٌ، وَالْيَمِينُ لَازِمَةٌ لَهُ لِعَدَمِ احْتِيَاجِهَا إلَى نِيَّةٍ كَمَا لِابْنِ عَرَفَةَ، وَفَائِدَةُ قَبُولِ قَوْلِهِ إنَّهُ إذَا قِيلَ لَهُ تَعَمَّدْت الْحَلِفَ عَلَى كَذَا فَحَلَفَ أَنَّهُ سَبَقَهُ لِسَانُهُ فَيُصَدَّقُ فِي يَمِينِهِ الثَّانِيَةِ، وَلَا تَلْزَمُهُ لِأَجْلِهَا كَفَّارَةٌ فَالْمُرَادُ بِسَبْقِ لِسَانِهِ غَلَبَتُهُ وَجَرَيَانُهُ لَا انْتِقَالُهُ مِنْ لَفْظٍ لِآخَرَ، فَإِنَّ هَذَا يُعْذَرُ بِهِ كَسَبْقِهِ فِي الطَّلَاقِ كَمَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ. ابْنُ غَازِيٍّ الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ بِسَبْقِ اللِّسَانِ أَنْ يَسْبِقَ اللَّفْظُ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ كَبَلَى وَاَللَّهِ لَا وَاَللَّهِ وَفِيهِ قَوْلَانِ الْمَشْهُورُ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَيْسَ بِلَغْوٍ. وَذَهَبَ إسْمَاعِيلُ الْقَاضِي وَالْأَبْهَرِيُّ إلَى أَنَّهُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [البقرة: ٢٢٥] وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ أَبِي جَمْرَةَ وَالْعَبْدُوسِيُّ، فَحَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ بِرَدِّ النَّفْيِ لِحُكْمِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهُ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي بِرَدِّ النَّفْيِ لِقَوْلِهِ بِذِكْرِ اللَّهِ لَا بِسَبْقِ لِسَانِهِ، وَلِذَا اقْتَصَرَ بَعْدُ عَلَى تَفْسِيرِ اللَّغْوِ بِمَا يَعْتَقِدُهُ، فَظَهَرَ نَفْيُهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَكَعِزَّةِ اللَّهِ) إنْ أَرَادَ بِهَا صِفَتَهُ تَعَالَى الْقَدِيمَةَ الْبَاقِيَةَ الَّتِي هِيَ مَنَعَتُهُ وَقُوَّتُهُ (وَأَمَانَتُهُ) أَيْ تَكْلِيفُهُ الرَّاجِعُ لِكَلَامِهِ الْقَدِيمِ (وَعَهْدِهِ) وَكَلَامُهُ الْقَدِيمُ الَّذِي عَاهَدَ بِهِ خَلْقَهُ، وَمَحَلُّ كَوْنِ كُلٍّ مِنْ أَمَانَتِهِ وَعَهْدِهِ يَمِينًا إنْ أَتَى مَعَهُ بِالِاسْمِ الظَّاهِرِ بِأَنْ قَالَ: وَأَمَانَةِ اللَّهِ، وَعَهْدِ اللَّهِ فَالْأَوْلَى الْإِتْيَانُ بِهِ فِي الْمِثَالِ؛ لِأَنَّهُ لِبَيَانِ الصِّيَغِ الَّتِي تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ بِهَا.
(وَعَلَى عَهْدِ اللَّهِ أَنْ يُرِيدَ) بِعِزَّةِ اللَّهِ وَمَا بَعْدَهُ الْمَعْنَى (الْمَخْلُوقَ) لِلَّهِ تَعَالَى فِي الْعِبَادِ الْمُرَادِ مِنْ قَوْله تَعَالَى {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ} [الصافات: ١٨٠] ، وَمِنْ قَوْله تَعَالَى {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ} [الأحزاب: ٧٢] الْآيَةَ، وَمِنْ قَوْله تَعَالَى {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ} [البقرة: ١٢٥] ، فَلَا تَنْعَقِدُ بِهَا يَمِينٌ وَيَكُونُ الْحَلِفُ بِهَا غَيْرَ مَشْرُوعٍ. الْبِسَاطِيُّ لَا يَرْجِعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute