للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَنُدِبَ الْمُطْلَقُ

وَكُرِهَ الْمُكَرَّرُ وَفِي كُرْهِ الْمُعَلَّقِ تَرَدُّدٌ

ــ

[منح الجليل]

فَأَصُومُ يَوْمَيْنِ أَوْ أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَتَصَدَّقُ بِكَذَا. اهـ. وَتَأَمَّلْ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَعَجَّلَ الْإِحْرَامَ فِي أَنَا مُحْرِمٌ إلَخْ، وَقَوْلُهُ فِي بِمَالِي فِي كَسَبِيلِ اللَّهِ وَقَوْلُهُ آخِرَ الْهِبَةِ، وَإِنْ قَالَ دَارِي صَدَقَةٌ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ.

وَنَبَّهْت عَلَى هَذَا وَإِنْ كَانَ ظَاهِرٌ الْآنَ بَعْضُ النَّاسِ تَوَهَّمَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِاَللَّهِ عَلَيَّ أَوْ عَلَيَّ اغْتِرَارًا بِظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَبِقَوْلِ الشَّارِحِينَ وَأَشَارَ لِصِيغَتِهِ وَهُوَ خَطَأٌ صُرَاحٌ وَنُصُوصُ الْمَالِكِيَّةِ مُتَضَافِرَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ صِيغَةٌ مَخْصُوصَةٌ حَتَّى اخْتَلَفُوا فِي لُزُومِهِ بِالنِّيَّةِ.

(وَنُدِبَ) النَّذْرُ (الْمُطْلَقُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الطَّاءِ وَفَتْحِ اللَّامِ أَيْ غَيْرُ الْمُكَرَّرِ وَالْمُعَلَّقِ بِدَلِيلِ مَا يَلِيهِ بِأَنْ أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى مَا حَصَلَ، كَمَنْ نَجَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ كُرْبَةٍ أَوْ شَفَى مَرِيضَهُ أَوْ رَزَقَهُ عِلْمًا أَوْ مَالًا أَوْ زَوْجَةً صَالِحَةً أَوْ وَلَدًا صَالِحًا فَنَذَرَ صَوْمًا أَوْ صَدَقَةً أَوْ حَجًّا أَوْ عِتْقًا، وَأَمَّا مَا لَيْسَ شُكْرًا عَلَى شَيْءٍ حَصَلَ فَيُبَاحُ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ، وَالْتِزَامُهُ بِدُونِ تَعْلِيقٍ، كَذَا فِي الْحَطّ وعب، وَاَلَّذِي فِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ سَوَاءٌ.

(وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ النَّذْرُ (الْمُكَرَّرُ) مُتَعَلِّقَةٌ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَاللَّامِ كَنَذْرِ صَوْمِ كُلِّ خَمِيسٍ لِنَفْلِ الْوَفَاءِ بِهِ فَيُؤَدِّيهِ مُتَكَرِّهًا وَلِخَوْفِ تَفْرِيطِهِ فِي وَفَائِهِ فَيَأْثَمُ (وَفِي كُرْهِ) بِضَمِّ الْكَافِ أَيْ كَرَاهَةِ النَّذْرِ (الْمُعَلَّقِ) بِفَتْحِ اللَّامِ عَلَى شَيْءٍ مَحْبُوبٍ آتٍ لَيْسَ لِلْعَبْدِ فِيهِ مَدْخَلٌ كَإِنْ شَفَى اللَّهُ تَعَالَى مَرِيضِي أَوْ رَزَقَنِي كَذَا أَوْ نَجَّانِي مِنْ كَذَا، فَعَلَيَّ الصَّدَقَةُ بِدِينَارٍ؛ لِأَنَّ فِيهِ شَائِبَةَ الْمُعَاوَضَةِ وَلِتَوَهُّمِ أَنَّهُ يَجْلِبُ الْخَيْرَ وَيَرُدُّ الشَّرَّ، وَلِذَا «نَهَى رَسُولُ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهُ وَقَالَ: إنَّهُ لَا يَأْتِي بِخَيْرٍ، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنْ الْبَخِيلِ» كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ، وَفِيهِمَا أَيْضًا «أَنَّ النَّذْرَ لَا يُقَرِّبُ مِنْ ابْنِ آدَمَ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ قَدَّرَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَكِنَّ النَّذْرَ يُوَافِقُ الْقَدَرَ فَيُخْرَجُ بِذَلِكَ مِنْ الْبَخِيلِ مَا لَمْ يَكُنْ الْبَخِيلُ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَهُ» . اهـ.

وَإِبَاحَتُهُ (تَرَدُّدٌ) الْكَرَاهَةُ لِلْبَاجِيِّ وَابْنِ شَاسٍ، وَالْإِبَاحَةُ لِابْنِ رُشْدٍ وَأَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ، وَمَحَلُّهُ كَمَا لِابْنِ رُشْدٍ حَيْثُ عَلَّقَهُ عَلَى مَحْبُوبٍ آتٍ لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ كَإِنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>