وَلَغَا: عَلَيَّ الْمَسِيرُ، وَالذَّهَابُ، وَالرُّكُوبُ لِمَكَّةَ، وَمُطْلَقُ الْمَشْيِ، وَمَشْيٌ لِمَسْجِدٍ، وَإِنْ لِاعْتِكَافٍ؛
ــ
[منح الجليل]
الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَإِلَّا رَكِبَ وَحَجَّ بِهِ إنَّمَا يُحْمَلُ هَذَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا أَمَّا إذَا نَوَى إحْجَاجَهُ، فَإِنَّ الْحَالِفَ لَا يَلْزَمُهُ حَجٌّ بَلْ يَدْفَعُ فَقَطْ إلَى الرَّحْلِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ مُؤْنَةِ الْحَجِّ كَمَا لِأَبِي الْحَسَنِ. وَحَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ تَارَةً يَحُجُّ الْحَالِفُ وَحْدَهُ وَهَذَا إذَا أَرَادَ الْمَشَقَّةَ عَلَى نَفْسِهِ بِحَمْلِهِ عَلَى عُنُقِهِ، وَتَارَةً يَحُجُّ الْمَحْلُوفُ بِهِ وَحْدَهُ إذَا أَرَادَ حَمْلَهُ مِنْ مَالِهِ، وَتَارَةً يَحُجَّانِ جَمِيعًا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ. ابْنُ عَاشِرٍ سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الثَّانِي مِنْ هَذِهِ الْأَوْجُهِ، وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِقَوْلِهِ قَالَ عَنْهُ عَلِيٌّ إنْ نَوَى إحْجَاجَهُ مِنْ مَالِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا إحْجَاجُ الرَّجُلِ، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَهَذَا مِمَّا لَا يُخْتَلَفُ فِيهِ، وَقَدْ حَمَلَ أَبُو عِمْرَانَ وَأَبُو إِسْحَاقَ رِوَايَةَ عَلِيٍّ عَلَى الْوِفَاقِ لِابْنِ الْقَاسِمِ. اهـ. وَبِهِ نَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ " ز " وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَلَغَا) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ بَطَلَ قَوْلُ الشَّخْصِ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَوْ (عَلَيَّ الْمَسِيرُ) إلَى مَكَّةَ إنْ فَعَلْت أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا (وَالذَّهَابُ وَالرُّكُوبُ) وَالْإِتْيَانُ وَالِانْطِلَاقُ (لِمَكَّةَ) إلَّا أَنْ يَنْوِيَ إتْيَانَهَا حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا فَيَأْتِيهَا رَاكِبًا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ مَاشِيًا قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، إنْ قُلْت مَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إلَيْهَا لَزِمَهُ وَالْمَسِيرُ وَالذَّهَابُ مُسَاوِيَانِ لَهُ فَمَا الْفَرْقُ؟ . قُلْت: الْفَرْقُ أَنَّ الْعُرْفَ إنَّمَا جَرَى بِلَفْظِ الْمَشْيِ وَإِنَّهُ الْوَارِدُ فِي السُّنَّةِ وَلَمْ يَرِدْ غَيْرُهُ فِيهَا.
(وَ) لَغَا (مُطْلَقُ الْمَشْيِ) أَيْ الْمَشْيِ الْمُطْلَقِ الَّذِي لَمْ يُقَيَّدْ بِمَكَّةَ، وَلَا الْكَعْبَةِ بِلَفْظٍ، وَلَا نِيَّةٍ كَقَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ الْمَشْيُ (وَ) لَغَا قَوْلُهُ عَلَيَّ (مَشْيٌ لِمَسْجِدٍ) غَيْرِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ إنْ كَانَ لِجُلُوسٍ فِيهِ أَوْ قِرَاءَةٍ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (لِاعْتِكَافٍ) أَوْ صَلَاةٍ فِيهِ لِخَبَرِ «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا إلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ مَسْجِدِي هَذَا وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى» ، وَلَا يُعَارِضُهُ خَبَرُ «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ» ؛ لِأَنَّهُ عَامٌّ فَيُخَصُّ بِهَذَا. قَالَ الشَّارِحُ لَوْ قَالَ إتْيَانٌ أَيْ لَغَا إتْيَانٌ لَكَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ جَوَازُ إتْيَانِهِ رَاكِبًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ ذَكَرَ عَدَمَ اللُّزُومِ فِيمَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ اللُّزُومُ وَهُوَ الْمَشْيُ، فَيُعْلَمُ عَدَمُ لُزُومِ غَيْرِهِ بِالْأَوْلَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute