وَالْمَدِينَةُ أَفْضَلُ ثُمَّ مَكَّةُ.
ــ
[منح الجليل]
فِي أَحَدِهَا وَالْتَزَمَ الْآخَرَ لَزِمَهُ عَلَى الْأَصَحِّ وَالْمَشْهُورِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الثَّانِي مَفْضُولًا. الْمَازِرِيُّ لَوْ نَذَرَ الصَّلَاةَ مَدَنِيٌّ أَوْ مَكِّيٌّ بِمَسْجِدِ إيلْيَاءَ صَلَّى بِمَوْضِعِهِ وَالْعَكْسُ لَازِمٌ. وَقِيَاسُ قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَلْزَمُ الْمَكِّيَّ مَا نَذَرَهُ بِمَسْجِدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا الْعَكْسُ. وَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا: الْأَوْلَى إتْيَانُهُ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ. ابْنُ عَرَفَةَ مَا عَزَاهُ لِبَعْضِ شُيُوخِهِ هُوَ نَصُّ اللَّخْمِيِّ وَذَكَرَهُ ابْنُ بَشِيرٍ.
(وَالْمَدِينَةُ) الْمُنَوَّرَةُ بِأَنْوَارِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (أَفْضَلُ) مِنْ مَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَيَدُلُّ لَهُ مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ «الْمَدِينَةُ خَيْرٌ مِنْ مَكَّةَ» نَقَلَهُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ حَبِيبٍ مَكَّةُ أَفْضَلُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَمَسْجِدُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمَسْجِدُ الْحَرَامُ أَفْضَلُ مِنْ مَسْجِدِ إيلْيَاءَ، وَفِي أَفْضَلِيَّةِ مَسْجِدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ الْعَكْسُ الْمَشْهُورُ. وَنَقَلَ عِيَاضٌ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ مَعَ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ وَوَقَفَ الْبَاجِيَّ فِي ذَلِكَ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ الْمَوْضِعِ الَّذِي ضَمَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ الْكَعْبَةِ وَالسَّمَاءِ وَالْعَرْشِ وَالْكُرْسِيِّ وَاللَّوْحِ وَالْقَلَمِ وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ وَيَلِيهِ الْكَعْبَةُ فَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ بَقِيَّةِ الْمَدِينَةِ اتِّفَاقًا، وَبَاقِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ أَفْضَلُ مِنْ بَاقِي مَسْجِدِ مَكَّةَ، وَبَاقِي الْمَدِينَةِ أَفْضَلُ مِنْ بَاقِي مَكَّةَ، وَلِمَا زِيدَ فِي مَسْجِدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حُكْمُ مَسْجِدِهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَهُمْ عَلَى تَفْضِيلِ السَّمَاءِ عَلَى الْأَرْضِ، وَقِيلَ الْأَرْضُ أَفْضَلُ لِخَلْقِ الْأَنْبِيَاءِ مِنْهَا وَدَفْنِهِمْ بِهَا.
(ثُمَّ) يَلِي الْمَدِينَةَ فِي الْفَضْلِ (مَكَّةُ) الْمُشَرَّفَةُ ثُمَّ يَلِي مَكَّةَ فِي الْفَضْلِ بَيْتُ الْمَقْدِسِ فَهُوَ أَفْضَلُ وَلَوْ مِنْ الْمَسَاجِدِ الْمَنْسُوبَةِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَسْجِدِ قُبَاءَ وَمَسْجِدِ الْفَتْحِ وَمَسْجِدِ الْعِيدِ وَمَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ.
(تَتِمَّةٌ) فِي الصَّحِيحَيْنِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْمَدِينَةِ «مَنْ صَبَرَ عَلَى لَأْوَائِهَا وَشِدَّتِهَا كُنْت لَهُ شَهِيدًا وَشَفِيعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . وَفِي مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ «لَا يَصْبِرُ أَحَدٌ عَلَى لَأْوَائِهَا وَجَهْدِهَا إلَّا كُنْت لَهُ شَفِيعًا أَوْ شَهِيدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ، وَفِيهِ بُشْرَى لِلصَّابِرِ بِهَا بِالْمَوْتِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَهِيَ مَزِيَّةٌ عَظِيمَةٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute