للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَزِيَارَةِ الْكَعْبَةِ: فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَلَوْ مَعَ وَالٍ جَائِرٍ: عَلَى كُلِّ حُرٍّ ذَكَرٍ مُكَلَّفٍ قَادِرٍ:

ــ

[منح الجليل]

مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ الْجِهَادِ، وَنَسَجَ الْمُصَنِّفِ هُنَا عَلَى مِنْوَالِ الشَّيْخِ عَبْدِ الْغَفَّارِ الْقَزْوِينِيِّ الشَّافِعِيِّ إذَا قَالَ فِي كِتَابِهِ الْحَاوِي فِي الْفَتَاوَى: الْجِهَادُ فِي أَهَمِّ جِهَةٍ وَإِنْ خَافَ مِنْ الْمُتَلَصِّصِينَ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً كَزِيَارَةِ الْكَعْبَةِ فَرْضُ كِفَايَةٍ، ثُمَّ ذَكَرَ النَّظَائِرَ قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَفِيهَا جِهَادُ الْمُحَارِبِينَ جِهَادٌ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قِتَالُهُمْ أَفْضَلُ مِنْ قِتَالِ الْكُفَّارِ. ابْنُ نَاجِي الْمَشْهُورُ لَيْسَ أَفْضَلَ.

وَشَبَّهَ الْفَرْضِيَّةَ كُلَّ سَنَةٍ فَقَالَ (كَزِيَارَةِ الْكَعْبَةِ) أَيْ إقَامَةِ مَوْسِمِ الْحَجِّ لَا بِطَوَافٍ فَقَطْ أَوْ عُمْرَةٍ وَأَفْرَدَ هَذَا عَنْ نَظَائِرِهِ الْآتِيَةِ لِمُشَارَكَتِهِ الْجِهَادَ فِي وُجُوبِهِ كُلَّ سَنَةٍ وَتَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُ لَا يُسْقِطُهَا خَوْفُ الْمُحَارِبِينَ وَلَا يُشْكِلُ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَأَمْنٌ عَلَى نَفْسٍ وَمَالٍ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ فِي الْعَيْنِيّ، وَمَا هُنَا فَرْضُ الْكِفَايَةِ أَيْ يُخَاطَبُ كُلُّ النَّاسِ بِقِتَالِ الْمُحَارِبِ وَإِقَامَةِ الْمَوْسِمِ لَا أَهْلُ قُطْرٍ فَقَطْ كَحِجَازٍ، فَإِنْ أَقَامَهُ جَمْعٌ وَلَحِقَهُمْ شَخْصٌ بِعَرَفَةَ فَقَدْ دَخَلَ مَعَهُمْ قِيَاسًا عَلَى مُدْرِكِ تَكْبِيرَةٍ مِنْ الْجِنَازَةِ، فَإِنَّهُ يَنْوِي الْفَرْضَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ الْقِيَامُ بِفَرْضِ كِفَايَتِهَا إلَّا بِسَلَامِهَا.

وَخَبَرُ الْجِهَادِ (فَرْضُ كِفَايَةٍ) نَقَلَ الْجُزُولِيُّ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَعَبْدِ الْوَهَّابِ أَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ مُطْلَقًا. وَعَنْ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّهُ نَافِلَةٌ مَعَ الْأَمْنِ. الْمِسْنَاوِيُّ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَلَوْ مَعَ الْأَمْنِ لِمَا فِيهِ مِنْ إعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِذْلَالِ الْكُفْرِ إنْ كَانَ مَعَ وَالٍ عَدْلٍ بَلْ (وَلَوْ مَعَ وَالٍ) أَيْ أَمِيرِ جَيْشٍ (جَائِرٍ) لَا يَضَعُ الْخُمُسَ مَوْضِعَهُ ارْتِكَابًا لِأَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ؛ لِأَنَّ الْغَزْوَ مَعَهُ إعَانَةٌ لَهُ عَلَى جَوْرِهِ وَتَرْكَهُ مَعَهُ خِذْلَانٌ لِلْإِسْلَامِ، وَنُصْرَةُ الدَّيْنِ وَاجِبَةٌ، وَكَذَا مَعَ ظَالِمٍ فِي أَحْكَامِهِ أَوْ فَاسِقٍ بِجَارِحَةٍ لَا مَعَ غَادِرٍ يَنْقُضُ الْعَهْدَ عَلَى الْأَصَحِّ وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِمَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ مِنْ أَنَّهُ لَا يُغَازِي مَعَهُ وَصِلَةُ فَرْضٍ (عَلَى كُلِّ حُرٍّ ذَكَرٍ مُكَلَّفٍ قَادِرٍ) شَمِلَ الْكَافِرَ بِنَاءً عَلَى خِطَابِهِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ حَتَّى الْجِهَادِ، وَقِيلَ إلَّا الْجِهَادَ

<<  <  ج: ص:  >  >>