وَإِنْ بِسُفُنٍ، وَبِالْحِصْنِ
ــ
[منح الجليل]
الْمَذْكُورَيْنِ فَقَالَ (وَإِنْ) كُنَّا وَإِيَّاهُمْ أَوْ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ مِنَّا أَوْ مِنْهُمْ (بِسُفُنٍ) بِضَمِّ السِّينِ وَالْفَاءِ جَمْعُ سَفِينَةٍ وَيَصِحُّ رُجُوعُهَا لِلْمَفْهُومِ لَكِنَّهُ ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَفْهُومِ الشَّرْطِ الثَّانِي، وَغَيْرُ ظَاهِرٍ بِالنِّسْبَةِ لِمَفْهُومِ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ، لِأَنَّ الرَّاجِحَ جَوَازُ قِتَالِهِمْ بِهَا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مُسْلِمٌ، وَكُنَّ وَإِيَّاهُمْ بِسُفُنٍ سَوَاءٌ أَمْكَنَ غَيْرُهَا أَمْ لَا أَفَادَهُ عب.
الْبُنَانِيُّ رُجُوعُهَا لِلْمَنْطُوقِ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ قِتَالَهُمْ بِهَا فِي السُّفُنِ مَعَ اجْتِمَاعِ الشَّرْطَيْنِ جَائِزٌ اتِّفَاقًا كَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْحِصْنِ فَلَا مَحَلَّ لِلْمُبَالَغَةِ، وَبِهَذَا اعْتَرَضَهَا الشَّارِحُ فَالصَّوَابُ رُجُوعُهَا لِلْمَفْهُومِ، لَكِنَّهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ بِالنِّسْبَةِ لِمَفْهُومِ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ. وَنَصُّ ابْنِ رُشْدٍ وَقَعَ فِي الْمَذْهَبِ اخْتِلَافٌ كَثِيرٌ فِيمَا يَجُوزُ بِهِ قَتْلُ الْعَدُوِّ وَمَا لَا يَجُوزُ وَتَلْخِيصُهُ أَنَّ الْحُصُونَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا إلَّا الْمُقَاتِلَةُ فَأَجَازَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنْ يُرْمَوْا بِالنَّارِ، وَمَنَعَ مِنْ ذَلِكَ سَحْنُونٌ، وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْحَضْرَمِيِّ، وَلَا خِلَافَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ تَغْرِيقِهِمْ بِالْمَاءِ وَرَمْيِهِمْ بِالْمَجَانِيقِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.
وَأَمَّا إنْ كَانَ فِيهَا الْمُقَاتِلَةُ وَالنِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ فَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُرْمَوْا بِالنَّارِ وَيُغَرَّقُوا بِالْمَاءِ وَيُرْمَوْا بِالْمَجَانِيقِ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُفْعَلَ بِهِمْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُرْمَوْا بِالْمَجَانِيقِ وَيُغَرَّقُوا بِالْمَاءِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُرْمَوْا بِالنَّارِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَالرَّابِعُ: أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُرْمَوْا بِالْمَجَانِيقِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُغَرَّقُوا، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ.
وَأَمَّا إنْ كَانَ فِي الْحِصْنِ مَعَ الْمُقَاتِلَةِ أَسِيرٌ فَلَا يُرْمَوْا بِالنَّارِ، وَلَا يُغَرَّقُوا بِالْمَاءِ، وَاخْتُلِفَ فِي قَطْعِهِ عَنْهُمْ وَرَمْيِهِمْ بِالْمَجَانِيقِ فَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَمَنَعَهُ ابْنُ حَبِيبٍ حَاكِيًا عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ الْمَدَنِيِّينَ وَالْمِصْرِيِّينَ. وَأَمَّا السُّفُنُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا مُسْلِمٌ فَيَجُوزُ رَمْيُهُمْ بِالنَّارِ وَإِنْ كَانَ فِيهَا النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ قَوْلًا وَاحِدًا، وَإِنْ كَانَ فِيهَا مُسْلِمٌ أَسِيرٌ فَأَجَازَهُ أَشْهَبُ وَمَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ.
(وَ) قُوتِلُوا (بِالْحِصْنِ) أَتَى بِهِ مُعَرَّفًا تَنْبِيهًا عَلَى خُرُوجِهِ مِنْ حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ وَعَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute