كَمَتَاعٍ عُجِزَ عَنْ حَمْلِهِ وَجَعْلُ الدِّيوَانِ،
ــ
[منح الجليل]
ظَنًّا لِئَلَّا يَنْتَفِعُوا بِهِ. تت وَالْأَظْهَرُ حَرْقُهُ مُطْلَقًا لِاحْتِمَالِ أَكْلِهِمْ إيَّاهُ حَالَ الِاضْطِرَارِ إلَيْهِ.
وَشَبَّهَ فِي الْحَرْقِ فَقَالَ (كَمَتَاعٍ) لَهُمْ أَوْ لِمُسْلِمٍ (عُجِزَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (عَنْ حَمْلِهِ) لِبَلَدِ الْإِسْلَامِ وَعَنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ فَيُحْرَقُ لِئَلَّا يَنْتَفِعُوا بِهِ (وَ) جَازَ (جَعْلٌ) بِفَتْحِ الْجِيمِ أَيْ اتِّخَاذٌ وَوَضْعٌ وَضَمُّهَا أَيْ مَالِ (الدِّيوَانِ) بِكَسْرِ الدَّالِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَفَتْحِهَا عَلَى خِلَافِهِ أَيْ الدَّفْتَرِ وَالْمَعْنَى عَلَى الْأَوَّلِ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَجْعَلَ دِيوَانًا أَيْ دَفْتَرًا يَجْمَعُ فِيهِ أَسْمَاءَ الْجُنْدِ وَعَطَاءَهُمْ. وَعَلَى الثَّانِي يَجُوزُ لِلشَّخْصِ أَنْ يَأْخُذَ الْجُعْلَ الَّذِي رَتَّبَهُ لَهُ الْإِمَامُ عَلَى خُرُوجِهِ لِلْجِهَادِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَكَتَبَهُ لَهُ فِي الدِّيوَانِ.
أَبُو الْحَسَنِ إذَا كَانَ الْعَطَاءُ حَلَالًا وَيُزَادُ كَوْنُهُ مُحْتَاجًا لَهُ وَكَوْنُهُ قَدْرَ حَاجَتِهِ الْمُعْتَادَةِ لِأَمْثَالِهِ لَا أَزْيَدَ مِنْهَا فَيَحْرُمُ، بِخِلَافِ مُرَتَّبِ تَدْرِيسٍ وَنَحْوِهِ فَيَجُوزُ لِمَنْ هُوَ عَالَمٌ وَقَامَ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ أَخْذُهُ وَلَوْ غَنِيًّا لِقَصْدِ الْوَاقِفِ إعْطَاءَهُ، وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا دُونَ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ فَلَا يَسْتَحِقُّهُ إلَّا مُحْتَاجٌ بِقَدْرِ حَاجَتِهِ. وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ مُرَتَّبًا لِغَيْرِهِ وَاشْتَرَاهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ الَّذِي دَفَعَهُ لِلْبَائِعِ إنَّمَا هُوَ فِي مُقَابَلَةِ رَفْعِ يَدِهِ عَنْهُ وَيُحْتَمَلُ جَوَازُ هَذَا مُطْلَقًا قَرَّرَهُ عج أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَيُزَادُ إلَخْ، لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ هَذَيْنِ الْقَيْدَيْنِ فَانْظُرْهُمَا، وَاَلَّذِي نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ نَصُّهُ سَمِعَ ابْنَ الْقَاسِمِ لَا أَرَى قَبُولَ سِلَاحٍ أَوْ فَرَسٍ أُعْطِيَهُ فِي الْجِهَادِ وَلَا بَأْسَ بِهِ لِلْمُحْتَاجِ.
ابْنُ رُشْدٍ قَبُولُ الْمُحْتَاجِ أَفْضَلُ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ إعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْقُوَّةِ عَلَى الْجِهَادِ. اهـ. وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْأَوْلَى لِلْغَنِيِّ أَنْ لَا يَسْتَعِينَ عَلَى الْجِهَادِ بِمَالِ غَيْرِهِ، وَلَا يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِهِ فَإِنْ أَرَادَ " ز " أَنَّهُمَا شَرْطَانِ فِي الْكَمَالِ ظَهَرَ كَلَامُهُ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُمَا شَرْطَانِ فِي الْجَوَازِ فَفِيهِ نَظَرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قُلْت فَرَضَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ الْجِهَادَ بِالنَّفْسِ وَالْمَالِ فَقَالَ {وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ} [التوبة: ٤١] وَمَالُ بَيْتِ الْمَالِ إنَّمَا يُسْتَحَقُّ بِالْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَكُلُّ مُحْتَاجٍ لَهُ فِيهِ حَقٌّ فَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْمُحْتَاجِينَ وَهُمْ غَيْرُ مَحْصُورِينَ فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ إلَّا بِقَدْرِ حَاجَتِهِ، وَهَذَا مَشْهُورٌ بَيْنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute