عَلَى حُكْمِ مَنْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ، وَإِنْ كَانَ عَدْلًا وَعَرَفَ الْمَصْلَحَةَ وَإِلَّا نَظَرَ الْإِمَامُ: كَتَأْمِينِ غَيْرِهِ إقْلِيمًا،
ــ
[منح الجليل]
الْقَادِمُونَ أَرْضَ الْإِسْلَامِ بِنَحْوِ تِجَارَةٍ إذَا نَزَلُوا بِأَمَانٍ عَلَى حُكْمِ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ وَحَكَمَ فِيهِمْ بِحُكْمٍ فَأَبَوْهُ فَيُجْبَرُونَ (عَلَى) تَنْفِيذِ (حُكْمِ مَنْ) أَيْ الشَّخْصِ الَّذِي (نَزَلُوا) أَيْ الْكُفَّارُ مِنْ حِصْنِهِمْ أَوْ بَلَدِهِمْ أَوْ سَفِينَتِهِمْ (عَلَى حُكْمِهِ) فِيهِمْ إذَا أَنْزَلَهُمْ الْإِمَامُ عَلَى حُكْمِ أَحَدٍ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ لَهُ ابْتِدَاءً «وَإِنْزَالُ بَنِي قُرَيْظَةَ كَانَ عَلَى حُكْمِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ حُكِّمَ فِيهِمْ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - خُصُوصِيَّةً لِتَطْيِيبِ قُلُوبِ الْأَنْصَارِ الْأَوْسِ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا مَوَالِيَهُمْ» عَلَى أَنَّ الْحَطّ نَقَلَ عَنْ عِيَاضٍ جَوَازَ إنْزَالِهِمْ عَلَى حُكْمِ غَيْرِ الْإِمَامِ بَعْدَ نَقْلِهِ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يُنْزِلُهُمْ عَلَى حُكْمِ غَيْرِهِ.
(إنْ كَانَ) مَنْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ (عَدْلًا) فِي الشَّهَادَةِ عَلَى أَنَّهَا شَرْطٌ فِي كُلِّ حَاكِمٍ عَامًّا كَانَ أَوْ خَاصًّا. ابْنُ عَرَفَةَ وَلَوْ حَكَّمُوا عَبْدًا أَوْ ذِمِّيًّا أَوْ امْرَأَةً أَوْ صَبِيًّا عَاقِلِينَ عَالَمِينَ بِهِمْ لَمْ يَجُزْ وَحُكِّمَ الْإِمَامُ. وَقَالَ عِيَاضٌ مَنْ يَجُوزُ تَحْكِيمُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ وَالدِّيَانَةِ (وَعَرَفَ) مَنْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ (الْمَصْلَحَةَ) لِلْمُسْلِمِينَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا عَارِفًا الْمَصْلَحَةَ، فَإِنْ كَانَ فَاسِقًا أَوْ جَاهِلًا الْمَصْلَحَةَ صَحَّ حُكْمُهُ وَ (نَظَرَ الْإِمَامُ) فِيهِ فَإِنْ رَآهُ صَوَابًا أَمْضَاهُ وَإِلَّا رَدَّهُ وَإِنْ كَانَ صَبِيًّا أَوْ امْرَأَةً أَوْ رَقِيقًا لَمْ يَصِحَّ حُكْمُهُ، وَيُحَكَّمُ الْإِمَامُ فَالْعَدَالَةُ بِمَعْنَى عَدَمِ الْفِسْقِ شَرْطٌ فِي الْجَوَازِ لَا فِي الصِّحَّةِ، وَبِمَعْنَى الْبُلُوغِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالذُّكُورَةِ شَرْطٌ فِي الْجَوَازِ وَالصِّحَّةِ مَعًا، فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُجْمَلٌ. وَفِي الْجَوَاهِرِ إنْ حَكَّمُوا فَاسِقًا صَحَّ ثُمَّ يَنْظُرُ الْإِمَامُ، وَإِنْ حَكَّمُوا عَبْدًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ امْرَأَةً لَمْ يَصِحَّ حُكْمُهُ.
وَشَبَّهَ فِي نَظَرِ الْإِمَامِ فَقَالَ (كَتَأْمِينِ غَيْرِهِ) أَيْ الْإِمَامِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ، وَمَفْعُولُهُ قَوْلُهُ (إقْلِيمًا) أَيْ عَدَدًا كَثِيرًا لَا يَنْحَصِرُ إلَّا بِعُسْرٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدُ الْأَقَالِيمِ السَّبْعَةِ وَهِيَ الْهِنْدُ وَالْحِجَازُ وَمِصْرُ، وَمِنْهَا الشَّامُ وَالْمَغْرِبُ بِدَلِيلِ اتِّحَادِ الْمِيقَاتِ وَالدِّيَةِ وَبَابِلَ وَالرُّومِ وَالتُّرْكِ وَيَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَالصِّينِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute