مِنْ مُؤْمِنٍ مُمَيِّزٍ وَلَوْ صَغِيرًا، أَوْ امْرَأَةً أَوْ رِقًّا، أَوْ خَارِجًا عَلَى الْإِمَامِ
ــ
[منح الجليل]
ابْنُ حَبِيبٍ هَلْ هُوَ مُوَافِقٌ أَوْ مُخَالِفٌ لَهَا اهـ، وَبِهَذَا قَرَّرَ الشَّارِحُ فِي صَغِيرِهِ وَصَدَّرَ بِهِ الْحَطّ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي الشَّامِلِ بِقَوْلِهِ وَهَلْ لِغَيْرِهِ ذَلِكَ ابْتِدَاءً وَهُوَ ظَاهِرُهَا أَوْ لَا تَأْوِيلَانِ. اهـ. وَهَذَا أَمْثَلُ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ لَمْ أَرَ هَذَيْنِ التَّأْوِيلَيْنِ لِغَيْرِهِ. اهـ. الْبُنَانِيُّ.
كَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَحْتَمِلُ تَقْرِيرَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْحَطّ، أَحَدُهُمَا أَنَّهُ إشَارَةٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَمَانُ الْمَرْأَةِ جَائِزٌ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَا عِنْدِي أَمَانُ الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ إذَا كَانَ يَعْقِلُهُ. وَقَالَ غَيْرُهُ يَنْظُرُ فِيهِ الْإِمَامُ. ابْنُ يُونُسَ جَعَلَ عَبْدُ الْوَهَّابِ قَوْلَ الْغَيْرِ خِلَافًا وَجَعَلَهُ غَيْرُهُ وِفَاقًا، وَيَرِدُ عَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ أَمْرَانِ،
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُمَا فِي تَأْمِينِ مَنْ سِوَى الْإِمَامِ وَلَوْ مُسْتَوْفِيًا لِشُرُوطِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِنَصِّهَا الْمُتَقَدِّمِ. وَقَوْلُ ابْنِ بَشِيرٍ الْمَشْهُورُ أَنَّ مِنْ كَمُلَتْ فِيهِ خَمْسَةُ شُرُوطٍ الْإِسْلَامُ وَالْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالذُّكُورِيَّةُ، فَتَأْمِينُهُ كَتَأْمِينِ الْإِمَامِ. اهـ.
الْأَمْرُ الثَّانِي: أَنَّ ظَاهِرَهُ يَقْتَضِي أَنَّ مَعْنَاهُمَا هَلْ يَجُوزُ ابْتِدَاءً أَوْ لَا يَجُوزُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ مَعْنَاهُمَا هَلْ يَمْضِي ابْتِدَاءً أَوْ لَا يَمْضِي إلَّا بِإِمْضَاءِ الْإِمَامِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ، وَلَيْسَ فِيهِمَا تَعَرُّضٌ لِجَوَازِهِ وَعَدَمِهِ.
وَأَمَّا تَعْبِيرُهَا بِالْجَوَازِ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْمُضِيَّ بَعْدَ الْوُقُوعِ لَا إبَاحَةَ الْإِقْدَامِ ابْتِدَاءً، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ لَا يَقْبَلُ هَذَا. وَالتَّقْرِيرُ الثَّانِي أَنَّهُ أَشَارَ لِقَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ نَصَّ ابْنُ حَبِيبٍ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي التَّأْمِينُ مِنْ غَيْرِ الْإِمَامِ ابْتِدَاءً أَوْ هُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ قَوْلِهَا يَجُوزُ أَمَانُ الْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ إنْ عَقَلَ الْأَمَانَ، وَيُحْتَمَلُ يَجُوزُ إنْ وَقَعَ، وَلِذَا اُخْتُلِفَ فِي كَلَامِ ابْنِ حَبِيبٍ هَلْ هُوَ وِفَاقٌ لَهَا أَوْ خِلَافٌ. وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَجَوَازُ التَّأْمِينِ أَوْ مُضِيُّهُ إذَا كَانَ (مِنْ مُؤَمِّنٍ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَشَدِّ الْمِيمِ مَكْسُورَةً (مُمَيِّزٍ) كَذَلِكَ أَيْ عَاقِلِ الْأَمَانِ إنْ كَانَ بَالِغًا ذَكَرًا حُرًّا مُطِيعًا الْإِمَامَ بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (صَغِيرًا أَوْ امْرَأَةً أَوْ رِقًّا أَوْ خَارِجًا عَلَى الْإِمَامِ) الْعَدْلِ وَكَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute