وَحُدَّ زَانٍ وَسَارِقٌ
وَإِنْ حِيزَ الْمَغْنَمُ وَوُقِفَتْ الْأَرْضُ:
ــ
[منح الجليل]
وَحُدَّ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا (زَانٍ) مِنْ الْجَيْشِ بِحَرْبِيَّةٍ أَوْ ذَاتِ مَغْنَمٍ قَلَّ الْجَيْشُ أَوْ كَثُرَ (وَ) قُطِعَ (سَارِقٌ) نِصَابًا فَمَا فَوْقَهُ لِضَعْفِ الشُّبْهَةِ هُنَا فَلَمْ تَدْرَأْ الْحَدَّ. وَقِيلَ إنْ سَرَقَ فَوْقَ حَقِّهِ نِصَابًا. الْبُنَانِيُّ الصَّوَابُ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ لَا يُحَدُّ الزَّانِي بِذَاتِ الْمَغْنَمِ لِلشُّبْهَةِ، وَلَا يُقْطَعُ السَّارِقُ حَتَّى يَسْرِقَ نِصَابًا فَوْقَ حَظِّهِ قف عَلَى الْحَطّ
(إنْ حِيزَ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْيَاءِ أَيْ جُمِعَ (الْمَغْنَمُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالنُّونِ وَسُكُونِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الْغَنِيمَةُ فِي مَكَان بِالْفِعْلِ بِحَيْثُ يَكُونُ مُعَيَّنًا بَيْنَ أَيْدِي الْمُجَاهِدِينَ قَبْلَ قَسْمِهِ، فَإِنْ سَرَقَ مِنْهُ قَبْلَ حَوْزِهِ فَلَا يُقْطَعُ فَهُوَ رَاجِعٌ لِلسَّارِقِ فَقَطْ، وَأَمَّا الزَّانِي فَيُحَدُّ مُطْلَقًا عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ فِي بَابِ الزِّنَا.
(وَوُقِفَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ حُبِسَتْ (الْأَرْضُ) غَيْرُ الْمَوَاتِ وَهِيَ الْأَرْضُ الصَّالِحَةُ لِزِرَاعَةِ الْحَبِّ وَالْمَبْنِيَّةُ دُورًا وَنَحْوُهَا أَيْ صَارَتْ وَقْفًا عَلَى مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا بِلَا صِيغَةٍ مِنْ الْإِمَامِ، فَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ فِي بَابِ الْوَقْفِ بِحُبِسَتْ وَوُقِفَتْ إلَخْ، وَأَمَّا الْمَوَاتُ فَلِلْإِمَامِ تَمْلِيكُهَا لِمَنْ يَشَاءُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقِيلَ أَرْضُ الدُّورِ لِلْغَانِمِينَ، وَقِيلَ يُخَيَّرُ الْإِمَامُ فِي وَقْفِهَا وَقَسْمِهَا وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يُؤْخَذُ لَهَا كِرَاءٌ، بِخِلَافِ أَرْضِ الزِّرَاعَةِ. قَالَ الْقَرَافِيُّ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي كِرَاءِ دُورِ مَكَّةَ الْمَشْهُورُ مَنْعُ كِرَائِهَا لِفَتْحِهَا عَنْوَةً وَمَا يَقَعُ مِنْ الْقَضَاءِ فِي إثْبَاتِ الْأَمْلَاكِ وَعُقُودِ الْإِيجَارَاتِ وَالْأَخْذِ بِالشُّفُعَاتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَهُوَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ لِلْإِمَامِ قَسْمَهَا كَسَائِرِ الْغَنَائِمِ أَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِي ذَلِكَ. وَالْقَاعِدَةُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا أَنَّ مَسَائِلَ الْخِلَافِ إنْ اتَّصَلَ بِبَعْضِ أَقْوَالِهَا قَضَاءُ حَاكِمٍ تَعَيَّنَ ذَلِكَ الْقَوْلُ وَارْتَفَعَ الْخِلَافُ، فَإِذَا قَضَى حَاكِمٌ بِثُبُوتِ ذَلِكَ فِي أَرْضِ الْعَنْوَةِ ثَبَتَ الْمِلْكُ وَارْتَفَعَ الْخِلَافُ وَتَعَيَّنَ مَا حَكَمَ بِهِ، وَهَذَا يَطَّرِدُ عَنْ مَكَّةَ وَمِصْرَ وَغَيْرِهِمَا، وَالدُّورُ الْمَوْقُوفَةُ هِيَ الَّتِي صَادَفَهَا الْفَتْحُ وَبَقِيَتْ مَبْنِيَّةً فَإِنْ تَهَدَّمَتْ وَبُنِيَتْ مُلِكَتْ وَجَازَ التَّصَرُّفُ فِيهَا بِالْبَيْعِ وَالْكِرَاءِ وَنَحْوِهِمَا، فَقَوْلُ الْإِمَامِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا تُكْرَى دُورُ مَكَّةَ أَرَادَ بِهِ مَا كَانَ فِي زَمَانِهِ بَاقِيًا مِنْ دُورِ الْكُفَّارِ الَّتِي صَادَفَهَا الْفَتْحُ وَالْيَوْمَ ذَهَبَتْ تِلْكَ الْأَبْنِيَةُ فَلَا يَكُونُ قَضَاءُ الْحُكَّامِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute