للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَطَلَاقِ مَرْغُوبَتِهِ

ــ

[منح الجليل]

أَبُو الْحَسَنِ هَذَا سُوءُ ظَنٍّ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُخَيَّرَ فِي إيقَاعِ الثَّلَاثِ. وَرَوَى عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «حِينَ خَيَّرَ نِسَاءَهُ بَدَأَ بِهَا فَاخْتَارَتْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَتَبِعَهَا بَقِيَّتُهُنَّ عَلَى ذَلِكَ» ، وَنَزَلَتْ آيَةُ التَّخْيِيرِ وَفِي عِصْمَتِهِ التِّسْعُ اللَّاتِي تُوُفِّيَ عَنْهُنَّ. (تَتِمَّةٌ) بَقِيَ مِمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ إذَا رَأَى مَا يُعْجِبُهُ لَبَّيْكَ إنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الْآخِرَةِ وَأَنْ يُؤَدِّيَ فَرْضَ الصَّلَاةِ كَامِلَةً لَا خَلَلَ فِيهَا، وَإِتْمَامُ كُلِّ تَطَوُّعٍ شَرَعَ فِيهِ وَدَفْعُهُ بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، وَتَكْلِيفُهُ وَحْدَهُ مِنْ الْعِلْمِ مَا كُلِّفَ النَّاسُ جَمِيعهَا وَمُطَالَبَتُهُ بِمُشَاهَدَةِ الْحَقِّ مَعَ مُشَاهَدَةِ الْخَلْقِ بِالنَّفْسِ وَالْكَلَامِ وَاسْتِغْفَارِهِ سَبْعِينَ لِلْغَيْنِ عَلَى قَلْبِهِ، وَوُضُوءُهُ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَتَجْدِيدُ الْوُضُوءِ لِرَدِّ السَّلَامِ، وَالْكَلَامُ وَهَذَانِ نُسِخَا

(وَ) خُصَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِوُجُوبِ (طَلَاقِ مَرْغُوبَتِهِ) عَلَيْنَا أَيْ طَلَاقُنَا الزَّوْجَةَ الَّتِي رَغِبَ فِي نِكَاحِهَا نَبِيُّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَوْ وَقَعَ لَكِنَّهُ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ رَغِبَ فِي تَزَوُّجِ زَوْجَةِ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَعَلَهُ بَعْضُهُمَا عَامًّا لِسَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ. وَأَمَّا تَزَوُّجُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَوْجَةَ غَيْرِهِ بَعْدَ طَلَاقِهَا بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَدْ وَقَعَ فِي زَيْنَبَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب: ٣٧] وَإِنَّمَا كَانَتْ رَغْبَتُهُ فِي بَقَائِهَا زَوْجَةً لِزَيْدٍ تَحَاشِيًا مِنْ قَوْلِ الْمُنَافِقِينَ تَزَوَّجَ زَوْجَةَ ابْنِهِ، وَقَدْ مَنَعَ النَّاسُ مِنْهُ لِتَبَنِّيه زَيْدًا.

وَاَلَّذِي أَخْفَاهُ إنَّمَا هُوَ أَمْرُ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ بِتَزَوُّجِهَا بَعْدَ زَيْدٍ فَأَخْفَاهُ خَشْيَةَ تَطَرُّقِ الْأَلْسُنِ إلَيْهِ بِأَنَّهُ تَزَوَّجَ زَوْجَةَ ابْنِهِ، لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - تَبَنَّى زَيْدًا فَكَانَ لِهَذَا الْمُوجِبِ يَقُولُ لَهُ أَمْسِكْ عَلَيْك زَوْجَك خَشْيَةَ وُجُوبِ تَزَوُّجِهَا عَلَيْهِ إذَا طَلَّقَهَا زَيْدٌ وقَوْله تَعَالَى {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ} [الأحزاب: ٣٧] مَعْنَاهُ لِئَلَّا يَجِبَ عَلَيْك زَوَاجُهَا إذَا طَلَّقَهَا لَا مَحَبَّتُهَا مَعَ قَوْلِهِ ذَلِكَ، وَقَالَ لَهُ ذَلِكَ حِينَ شَكَا زَيْدٌ لَهُ مِنْهَا وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِك مَا أُمِرْت بِهِ مِنْ تَزَوُّجِهَا بَعْدَ طَلَاقِ زَيْدٍ لَا حُبُّهَا مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ أَيْ مُظْهِرُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِوُجُوبِ تَزَوُّجِك إيَّاهَا، وَتَخْشَى النَّاسَ أَنْ يَقُولُوا تَزَوَّجَ زَوْجَةَ ابْنِهِ وَاَللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ لِمَا أَرَادَ مِنْ إبْطَالِ مَا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ حُرْمَةِ تَزَوُّجِ

<<  <  ج: ص:  >  >>