نِكَاحُ
ــ
[منح الجليل]
وَوَطْءٍ، فَإِنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ شَيْءٍ مِنْهَا فَلَا يُنْدَبُ لَهُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّخْصَ إمَّا رَاغِبٌ فِيهِ أَوْ لَا، وَالرَّاغِبُ إمَّا أَنْ يَخْشَى الْعَنَتَ أَوْ لَا، فَالرَّاغِبُ إنْ خَشِيَ الْعَنَتَ وَعَجَزَ عَنْ التَّسَرِّي وَلَمْ يَكْفِهِ الصَّوْمُ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّزَوُّجُ وَلَوْ أَدَّى لِلْإِنْفَاقِ مِنْ كَسْبٍ حَرَامٍ أَوْ مُقْتَضَى التَّحْرِيمِ غَيْرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَخْشَهُ نُدِبَ لَهُ رَجَا النَّسْلَ أَمْ لَا وَلَوْ عَطَّلَهُ عَنْ تَطَوُّعٍ، وَغَيْرُ الرَّاغِبِ إنْ عَطَّلَهُ عَنْ تَطَوُّعٍ كُرِهَ لَهُ وَلَوْ رَجَا النَّسْلَ وَإِلَّا نُدِبَ لَهُ إنْ رَجَا النَّسْلَ، وَإِلَّا أُبِيحَ لَهُ. وَالْأَقْسَامُ الثَّلَاثَةُ الْمَنْدُوبُ وَالْجَائِزُ وَالْمَكْرُوهُ مُقَيَّدَةٌ بِعَدَمِ مُوجِبِ التَّحْرِيمِ وَإِلَّا حَرُمَ وَيَجْرِي مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَرْأَةِ أَيْضًا. وَزَادَ ابْنُ رَحَّالٍ وَجْهًا لِوُجُوبِهِ عَلَيْهَا وَهُوَ عَجْزُهَا عَنْ قُوتِهَا وَعَدَمُ سِتْرِهَا بِغَيْرِهِ.
وَنَائِبُ فَاعِلِ نُدِبَ (نِكَاحُ) ابْنُ حَجَرٍ النِّكَاحُ لُغَةً الضَّمُّ وَالتَّدَاخُلُ وَأَكْثَرُ اسْتِعْمَالِهِ فِي الْوَطْءِ، وَيُسَمَّى بِهِ الْعَقْدُ مَجَازًا لِكَوْنِهِ سَبَبًا لَهُ، ثُمَّ قَالَ وَشَرْعًا حَقِيقَةٌ فِي الْعَقْدِ مَجَازٌ فِي الْوَطْءِ لِكَثْرَةِ وُرُودِهِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فِي الْعَقْدِ حَتَّى قِيلَ لَمْ يَرِدْ فِي الْقُرْآنِ إلَّا لَهُ، وَلَا يَرِدُ مِثْلُ قَوْله تَعَالَى {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٣٠] لِأَنَّ شَرْطَ الْوَطْءِ فِي التَّحْلِيلِ إنَّمَا ثَبَتَ بِالسُّنَّةِ وَالْعَقْدُ لَا بُدَّ مِنْهُ، فَمَعْنَى قَوْله تَعَالَى {حَتَّى تَنْكِحَ} [البقرة: ٢٣٠] حَتَّى تَتَزَوَّجَ أَيْ يَعْقِدَ عَلَيْهَا. وَمَفْهُومُهُ أَنَّ هَذَا كَافٍ بِمُجَرَّدِهِ لَكِنْ بَيَّنَتْ السُّنَّةُ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِمَفْهُومِ الْغَايَةِ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ بَعْدَ الْعَقْدِ مِنْ ذَوْقِ الْعُسَيْلَةِ. وَفِي وَجْهٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ مَجَازٌ فِي الْعَقْدِ. وَقِيلَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا. وَهَذَا الَّذِي تَرَجَّحَ فِي نَظَرِي وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ اسْتِعْمَالِهِ فِي الْعَقْدِ اهـ.
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ لُغَةً حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ مَجَازٌ فِي الْعَقْدِ وَشَرْعًا بِالْعَكْسِ. ابْنُ عَرَفَةَ النِّكَاحُ عَقْدٌ عَلَى مُجَرَّدِ مُتْعَةِ التَّلَذُّذِ بِآدَمِيَّةٍ غَيْرُ مُوجِبٍ قِيمَتَهَا بِبَيِّنَةٍ قَبْلَهُ غَيْرُ عَالِمٍ عَاقِدُهُ حُرْمَتَهَا إنْ حَرَّمَهَا الْكِتَابُ عَلَى الْمَشْهُورِ أَوْ الْإِجْمَاعِ عَلَى الْآخَرِ فَيَخْرُجُ عَقْدُ تَحْلِيلِ الْأَمَةِ إنْ وَقَعَ بِبَيِّنَةٍ، وَيَدْخُلُ نِكَاحُ الْخَصِيِّ وَالطَّارِئَيْنِ لِأَنَّهُ بِبَيِّنَةٍ صَدَقَا فِيهَا وَلَا يَبْطُلُ عَكْسُهُ نِكَاحُ مُدَّعِيهِ بَعْدَ ثُبُوتِ وَطْئِهِ بِشَاهِدٍ أَوْ فُشُوِّ بِنَائِهِ بِاسْمِ النِّكَاحِ لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ عَدَمُ حَدِّهِ لِلشُّبْهَةِ لَا لِثُبُوتِ نِكَاحِهِ اهـ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute