وَبِغَيْرِهَا إنْ شَرَطَ السَّلَامَةَ،
ــ
[منح الجليل]
قَوْلِهِ وَلَهَا فَقَطْ الرَّدُّ بِالْجُذَامِ الْبَيِّنِ وَالْبَرَصِ الْمُضِرِّ الْحَادِثَيْنِ أَنَّ الزَّوْجَ لَا يَرُدُّهَا بِالْحَادِثِ مِنْهُمَا وَأَنَّهَا مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهِ.
فَإِنْ قُلْت اسْتِنْبَاطُ هَذَا مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي الْجُذَامِ وَالْبَرَصِ بَيِّنٌ دُونَ الْجُنُونِ قُلْتُ الْمَلْزُومُ كَاللَّازِمِ.
فَإِنْ قُلْت قَدْ فَاتَ الْمُصَنِّفَ التَّنْبِيهُ عَلَى خِيَارِ الزَّوْجَةِ لِلْجُنُونِ الْحَادِثِ بِالزَّوْجِ بَعْدَ الْعَقْدِ. قُلْت أَغْنَاهُ عَنْ ذِكْرِ خِيَارِهَا ذِكْرُ تَأْجِيلِ زَوْجِهَا وَقَدْ عَلِمْت مِمَّا أَسْلَفْنَاك أَنَّ تَأْجِيلَهُ فَرْعُ خِيَارِهَا.
فَإِنْ قُلْت هَذَا دَوْرٌ وَتَوَقُّفٌ. قُلْتُ هَبْهُ كَذَلِكَ أَلَيْسَ يَشْفَعُ لَهُ قَصْدُ إيثَارِ الِاخْتِصَارِ، وَتَقْرِيبُ الْأَقْصَى بِاللَّفْظِ الْوَجِيزِ، قَالَ الشَّارِحُ:
مَا يَعْرِفُ الشَّوْقَ إلَّا مَنْ يُكَابِدُهُ ... وَلَا الصَّبَابَةَ إلَّا مَنْ يُعَانِيهَا
وَظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ يُؤَجَّلَانِ سَنَةً لِعِلَاجِ زَوَالِ عَيْبِهِمَا إنْ رُجِيَ أَنَّ رَجَاءَ الْبُرْءِ شَرْطٌ فِي الثَّلَاثَةِ، وَلَمْ يَشْتَرِطْهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْجُنُونِ اتِّبَاعًا لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ، وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ بُرْءَ الْجُنُونِ أَرْجَى مِنْ بُرْءِ أَخَوَيْهِ، وَلَوْ قُرِئَ رُجِيَ بُرْؤُهَا بِضَمِيرِ الْمُؤَنَّثِ شَمِلَ الثَّلَاثَةَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَ) الْخِيَارُ يَثْبُتُ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ (بِغَيْرِهَا) أَيْ الْعُيُوبِ السَّابِقَةِ مِمَّا يُعَدُّ عَيْبًا عُرْفًا كَسَوَادٍ وَقَرَعٍ وَاسْتِحَاضَةٍ وَصِغَرٍ وَكِبَرٍ (إنْ شَرَطَ) أَحَدُهُمَا (السَّلَامَةَ) مِنْ ذَلِكَ الْغَيْرِ، سَوَاءٌ عَيَّنَ مَا شَرَطَ السَّلَامَةَ مِنْهُ أَوْ قَالَ مِنْ جَمِيعِ الْعُيُوبِ أَوْ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ، فَلَا يُحْمَلُ هَذَا عَلَى الْعُيُوبِ السَّابِقَةِ الَّتِي يُرَدُّ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ السَّلَامَةَ مِنْهَا.
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ السَّابِقَةَ تَعَافُهَا النُّفُوسُ وَتُنْقِصُ الِاسْتِمْتَاعَ الْمَقْصُودَ مِنْ النِّكَاحِ وَمِنْهَا مَا يَسْرِي فِي الْوَلَدِ مَعَ شِدَّتِهِ، وَعَدَمِ اسْتِطَاعَةِ الصَّبْرِ عَلَيْهِ كَالْجُذَامِ وَالْجُنُونِ وَغَيْرُهَا لَيْسَ كَذَلِكَ، وَشَأْنُهُ الظُّهُورُ وَعَدَمُ الْخَفَاءِ فَغَيْرُ الْمُشْتَرِطِ مُقَصِّرٌ فِي عَدَمِ اسْتِعْلَامِهِ. وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ عَدَمُ الرَّدِّ بِهَا إنْ لَمْ تُشْتَرَطْ السَّلَامَةُ مِنْهَا وَهُوَ كَذَلِكَ، وَالْقَوْلُ لَهَا فِي عَدَمِ اشْتِرَاطِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute