وَالْعَبْدُ نِصْفَهَا وَالظَّاهِرُ لَا نَفَقَةَ لَهَا فِيهَا
ــ
[منح الجليل]
فِيهَا كُلِّهَا بَعْدَ ابْتِدَائِهَا سَوَاءٌ قَدَرَ عَلَى التَّدَاوِي فِيهَا أَمْ لَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. وَقَالَ أَصْبَغُ إنْ اسْتَغْرَقَ الْمَرَضُ السَّنَةَ وَمَنَعَهُ مِنْ التَّدَاوِي فِيهَا فَتُسْتَأْنَفُ لَهُ سَنَةٌ أُخْرَى وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ إنْ مَرِضَ فِيهَا مَرَضًا شَدِيدًا مَنَعَهُ مِنْ التَّدَاوِي زِيدَ عَلَيْهَا بِقَدْرِهِ فَالْمُنَاسِبُ إبْدَالُ إنْ بِلَوْ.
(وَ) أُجِّلَ (الْعَبْدُ) الْمُعْتَرَضُ كَذَلِكَ (نِصْفَهَا) أَيْ السَّنَةِ هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَمَالِكٍ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَبِهِ الْحُكْمُ، وَقِيلَ سَنَةً كَالْحُرِّ وَاسْتُظْهِرَ، وَمَالَ إلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ وَنُسِبَ لِمَالِكٍ أَيْضًا. الْمُتَيْطِيُّ اُخْتُلِفَ فِي أَجَلِ الْعَبْدِ فَقَالَ ابْنُ الْجَهْمِ كَأَجَلِ الْحُرِّ وَنُقِلَ عَنْ مَالِكٍ وَجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. وَقِيلَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَبِهِ الْحُكْمُ. اللَّخْمِيُّ الْأَوَّلُ أَبْيَنُ لِأَنَّ السَّنَةَ جُعِلَتْ لِيُخْتَبَرَ فِي الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ فَقَدْ يَنْفَعُ الدَّوَاءُ فِي فَصْلٍ دُونَ فَصْلٍ، وَهَذَا يَسْتَوِي فِيهِ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ (وَالظَّاهِرُ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ الْخِلَافِ أَنَّهُ (لَا نَفَقَةَ لَهَا) أَيْ زَوْجَةِ الْمُعْتَرَضِ (فِيهَا) أَيْ السَّنَةِ الَّتِي أُجِّلَ بِهَا لِلتَّدَاوِي. ابْنُ غَازِيٍّ هَذَا وَهْمٌ مِنْهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -:
وَمَنْ ذَا الَّذِي تُرْضَى سَجَايَاهُ كُلُّهَا ... كَفَى الْمَرْءَ نُبْلًا أَنْ تُعَدَّ مَعَايِبُهْ
إنَّمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ الصَّلَاةِ مِنْ سَمَاعِ يَحْيَى مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ، قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ وَانْظُرْ إذَا ضُرِبَ لِلْمَجْنُونِ أَجَلُ سَنَةٍ قَبْلَ الدُّخُولِ فَهَلْ لَهَا نَفَقَةٌ إذَا دَعَتْهُ إلَى الدُّخُولِ مَعَ امْتِنَاعِهَا مِنْهُ بِجُنُونِهِ كَمَا إذَا أَعْسَرَ بِالصَّدَاقِ، فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِإِجْرَاءِ نَفَقَتِهَا مَعَ امْتِنَاعِهَا مِنْهُ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى دَفْعِ صَدَاقِهَا فَأَجَالَ النَّظَرَ وَلَمْ يُبَيِّنْ فِيهِ شَيْئًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا نَفَقَةَ لَهَا لِأَنَّهَا مَنَعَتْهُ نَفْسَهَا لِسَبَبٍ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى رَفْعِهِ فَهُوَ مَعْذُورٌ. بِخِلَافِ الَّذِي مَنَعَتْهُ نَفْسَهَا حَتَّى يُؤَدِّيَ إلَيْهَا صَدَاقَهَا إذْ لَعَلَّ لَهُ مَالًا كَتَمَهُ اهـ.
وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُ الْمُعْتَرَضِ عَلَى الْمَجْنُونِ يَعْزِلُ عَنْهَا، وَالْمُعْتَرَضُ مُرْسَلٌ عَلَيْهَا. الرَّمَاصِيُّ فِي جَوَابِ تت بِأَنَّ مُرَادَهُ الظَّاهِرُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ نَظَرٌ، إذْ لَمْ يُعْهَدْ لَهُ اعْتِمَادُهُ هُنَا عَلَى. اسْتِظْهَارِهِ، وَلَوْ سَلِمَ فَلَا يُشِيرُ لَهُ بِالظَّاهِرِ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِاصْطِلَاحِهِ وَمُلْبِسٌ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي تَوْضِيحِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute