وَسَقَطَ صَدَاقُهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ؛ وَالْفِرَاقُ إنْ قَبَضَهُ السَّيِّدُ وَكَانَ عَدِيمًا
ــ
[منح الجليل]
لَا تَخْتَارُ إلَّا وَاحِدَةً بَائِنَةً، وَقَالَهُ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ. وَفِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ بِالطَّلَاقِ أُوِّلَ قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَخْتَارَ بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ ثُمَّ رَجَعَ إلَى أَنَّ ذَلِكَ لَهَا. اهـ. فَقَوْلُهُ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ أَوْ اثْنَتَيْنِ إشَارَةٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ذَلِكَ لَهَا.
فَإِنْ قُلْت هَذَا إنْ فُهِمَ مِنْهَا التَّخْيِيرُ كَمَا قُلْت وَإِنْ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ بَعْدَ الْوُقُوعِ لَا يَأْتِي التَّخْيِيرُ إلَّا بِتَكَلُّفٍ. قُلْت فَإِنْ حُمِلَ عَلَى مَا بَعْدَ الْوُقُوعِ فَلَا يَتَأَتَّى التَّنْوِيعُ إلَّا بِتَكَلُّفٍ أَيْضًا، فَكَذَا يَتَكَلَّفُ لِلتَّخْيِيرِ مَعَ بَقَاءِ كَلَامِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ.
وَاخْتُلِفَ فِيمَا تَحَمَّلَ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرَ نَقْلِ اللَّخْمِيِّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ اخْتِلَافَ قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِيمَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدِ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْبَاجِيَّ وَأَبِي عِمْرَانَ وَأَوَّلُ كَلَامِ الْمُتَيْطِيِّ أَنَّهُ قَبْلَ الْوُقُوعِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْبَرَادِعِيِّ فِي النِّكَاحِ الْأَوَّلِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ.
(وَسَقَطَ) عَنْ الزَّوْجِ الْعَبْدِ (صَدَاقُهَا) كُلُّهُ أَيْ مَنْ كَمُلَ عِتْقُهَا بِاخْتِيَارِهَا فِرَاقَهُ (قَبْلَ الْبِنَاءِ) لِأَنَّ الْفِرَاقَ جَاءَ مِنْهَا مَعَ بَقَاءِ سِلْعَتِهَا. ابْنُ الْحَاجِبِ فَإِنْ اخْتَارَتْ فِرَاقَهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا صَدَاقَ. ضَيْح يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَكُونُ لَهَا نِصْفُهُ وَفِيهَا وَإِنْ اخْتَارَتْ فِرَاقَهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا مَهْرَ لَهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَ) سَقَطَ (الْفِرَاقُ) وَتَعَيَّنَ بَقَاؤُهَا زَوْجَةً (إنْ) أُعْتِقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَقَدْ (قَبَضَهُ) أَيْ الصَّدَاقَ (السَّيِّدُ) قَبْلَ عِتْقِهَا وَأَنْفَقَهُ (وَكَانَ) السَّيِّدُ (عَدِيمًا) يَوْمَ عِتْقِهَا كَمَا فِي عِبَارَةِ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ عَرَفَةَ، وَاسْتَمَرَّ عَدَمُهُ إلَى وَقْتِ الْحُكْمِ لِأَنَّهَا إنْ اخْتَارَتْ الْفِرَاقَ رَجَعَ زَوْجُهَا عَلَى سَيِّدِهَا بِصَدَاقِهَا وَلَا مَالَ لَهُ إلَّا هِيَ فَيُرَدُّ عِتْقُهَا لِدَيْنِ صَدَاقِهَا، فَتَرْجِعُ رَقِيقَةً فَيَسْقُطُ خِيَارُهَا فَقَدْ أَدَّى ثُبُوتُهُ لِنَفْيِهِ، وَكُلُّ مَا أَدَّى ثُبُوتُهُ لِنَفْيِهِ مُنْتَفٍ، وَمَفْهُومُ عَدِيمًا أَنَّهُ إنْ كَانَ مَلِيئًا يَوْمَ عِتْقِهَا أَوْ بَقِيَ صَدَاقُهَا بِيَدِهِ فَلَهَا الْخِيَارُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَوْ أُعْدِمَ السَّيِّدُ بَعْدَ ذَلِكَ وَيُتْبِعُهُ الزَّوْجُ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ لِطَرَيَانِ الدَّيْنِ بَعْدَ الْعِتْقِ فَلَا يُبْطِلُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute