وَفِي وُجُوبِ أَكْلِ الْمُفْطِرِ: تَرَدُّدٌ
ــ
[منح الجليل]
لِضَرُورَةٍ، وَعَبَّرَ فِي الْجَوَاهِرِ بِغَلْقٍ وَنَصُّهُ إنَّمَا يُؤْمَرُ بِإِجَابَةِ الدَّعْوَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ مُنْكَرٌ، وَلَا فَرْشُ حَرِيرٍ وَلَا فِي الْجَمِيعِ مَنْ يَتَأَذَّى بِمُجَالَسَتِهِ وَحُضُورِهِ مِنْ السَّفَلَةِ وَالْأَرَاذِلِ وَلَا زِحَامٌ وَلَا غَلْقُ بَابٍ دُونَهُ، وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ سَعَةَ التَّخَلُّفِ لِذَلِكَ. ابْنُ عَرَفَةَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ غَلْقٍ لَا أَعْرِفُهُ وَلَا لَفْظَهُ وَالصَّوَابُ إغْلَاقُ اهـ " غ ".
قُلْت أَنْكَرَ فِقْهَهُ وَلَفْظَهُ وَلَيْسَا بِمُنْكَرَيْنِ، أَمَّا الْفِقْهُ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْغَفُورِ وَكَذَلِكَ إنْ وَجَدَ زِحَامًا أَوْ غُلِقَ دُونَهُ الْبَابُ رَجَعَ أَيْضًا، وَأَمَّا لَفْظُهُ فَالِاسْمُ الثُّلَاثِيُّ مَسْمُوعٌ بِاتِّفَاقٍ، وَالْفِعْلُ مَهْجُورٌ فِي الْفُصْحَى، وَلِذَا قَالَ أَبُو الْأَسْوَدِ الدِّيلِيُّ:
وَلَا أَقُولُ لِقَدْرِ الْقَوْمِ قَدْ غَلَيَتْ ... وَلَا أَقُولُ لِبَابِ الدَّارِ مَغْلُوقُ
أَيْ فَإِنَّهُ فَصِيحٌ لَا يُنْطَقُ إلَّا بِالْمُسْتَعْمَلِ. وَقِيلَ أَرَادَ أَنَّهُ عَفِيفٌ لَا يَتَطَفَّلُ، وَقَدْ اسْتَوْفَيْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ وَتَحْلِيلِ التَّعْقِيدِ، وَلِذَا عَدَلَ عَنْ الثُّلَاثِيِّ الْأَخْصَرِ إلَى الرُّبَاعِيِّ، وَبَقِيَ مِنْ شُرُوطِ وُجُوبِ الْإِجَابَةِ كَوْنُ الْوَلِيمَةِ لِمُسْلِمٍ فَلَا تَجِبُ لِكَافِرٍ. ابْنُ عَرَفَةَ الْأَصْوَبُ أَوْ الْوَاجِبُ عَدَمُ إجَابَتِهِ لِأَنَّ فِيهَا إعْزَازًا لَهُ، وَالْمَطْلُوبُ إذْلَالُهُ.
وَمِنْ شُرُوطِهَا أَيْضًا أَنْ لَا يَبْعُدَ مَكَانُهَا بِحَيْثُ يَشُقُّ عَلَى الْمَدْعُوِّ الْحُضُورُ وَلِلشَّافِعِيَّةِ شِدَّةُ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ تُبِيحُ التَّخَلُّفَ وَأَوْلَى مَرَضٌ أَوْ حِفْظُ مَالٍ أَوْ خَوْفُ عَدُوٍّ، وَأَنْ لَا يَكُونَ فِي الطَّرِيقِ شِدَّةُ وَحْلٍ أَوْ مَرَضٌ، وَأَنْ لَا يَخُصَّ بِالدَّعْوَةِ الْأَغْنِيَاءَ، وَأَنْ لَا يَكُونَ عَلَى رُءُوسِ الْآكِلِينَ مَنْ يَنْظُرُ إلَيْهِمْ، وَأَنْ لَا تُفْعَلَ لِلْمُفَاخَرَةِ وَالْمُبَاهَاةِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ الطَّعَامُ مِمَّا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ تُبِيحُ التَّخَلُّفَ عَنْ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ الدَّاعِي فَاسِقًا أَوْ شِرِّيرًا طَالِبًا لِلْمُبَاهَاةِ وَالْفَخْرِ، وَأَنْ لَا تَكُونَ الدَّاعِيَةُ مَرْأَةً غَيْرَ مَحْرَمٍ وَلَا أَمْرَدَ تُخْشَى مِنْهُ رِيبَةٌ أَوْ تُهْمَةٌ، وَأَنْ لَا يَسْبِقَهُ دَاعٍ إلَى وَلِيمَةٍ أُخْرَى، فَإِنْ اسْتَوَيَا فَذُو الرَّحِمِ، ثُمَّ الْأَقْرَبُ رَحِمًا، ثُمَّ الْأَقْرَبُ دَارًا، ثُمَّ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَةُ تَقْدِيمِهِ.
(وَفِي وُجُوبِ أَكْلِ) الشَّخْصِ (الْمُفْطِرِ) مِنْ طَعَامِ الْوَلِيمَةِ قَدْرًا يُسِرُّ قَلْبَ صَاحِبِهَا فِيمَا عُرِفَ وَعَدَمِهِ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي الرِّسَالَةِ، قَالَ وَأَنْتَ فِي الْأَكْلِ بِالْخِيَارِ (تَرَدُّدٌ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute