للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يَضُرُّهَا إسْقَاطُ الْبَيِّنَةِ الْمُسْتَرْعِيَةِ عَلَى الْأَصَحِّ

ــ

[منح الجليل]

مِنْهُ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، وَيُنْدَبُ لَهُ فِرَاقُهَا، وَإِنْ ضَارَرَهَا حَتَّى افْتَدَتْ مِنْهُ بِمَالٍ فَلَا يَتِمُّ لَهُ مَا يَأْخُذُهُ مِنْهَا إلَّا أَنْ تَشْتُمَهُ، أَوْ تُخَالِفَ أَمْرَهُ.

(وَ) مَنْ ضَارِرْهَا زَوْجُهَا ضَرَرًا لَهَا التَّطْلِيقُ بِهِ وَلَمْ تَتَمَكَّنْ مِنْ إثْبَاتِهِ وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ فَأَرَادَتْ مُخَالَعَتَهُ وَأَشْهَدَتْ بَيِّنَةً بِضَرَرِ زَوْجِهَا لَهَا وَأَنَّهَا تُخَالِعُهُ وَتُسْقِطُ حَقَّهَا فِي الضَّرَرِ، وَفِي الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِهِ وَأَنَّهَا غَيْرُ مُلْتَزِمَةٍ لِهَذَا الْإِسْقَاطِ، وَإِنَّمَا تَتَوَصَّلُ بِهِ إلَى خَلَاصِهَا مِنْهُ وَتَمَكُّنِهَا مِنْ إثْبَاتِهِ عَلَيْهِ ثُمَّ خَالَعَتْهُ مُعْتَرِفَةً بِالطَّوْعِ وَعَدَمِ الضَّرَرِ، وَأَنَّهَا أَسْقَطَتْ حَقَّهَا فِيهِ، وَفِي الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِهِ، وَفِي الْبَيِّنَةِ الَّتِي اسْتَرْعَتْهَا أَيْ أَشْهَدَتْهَا سِرًّا بِمَا تَقَدَّمَ فَ (لَا يَضُرُّهَا) أَيْ الزَّوْجَةَ (إسْقَاطُ الْبَيِّنَةِ الْمُسْتَرْعِيَةِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ؛ إذْ عَقِبَهَا أَلِفٌ وَكُتِبَتْ بِصُورَةِ الْيَاءِ لِتَجَاوُزِهَا خَمْسَةَ أَحْرُفٍ (عَلَى الْأَصَحِّ) عِنْدَ ابْنِ رَاشِدٍ حَاكِيًا لَهُ عَنْ ابْنِ الْهِنْدِيِّ وَغَيْرِهِ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ ضَرَرَهَا يَحْمِلُهَا عَلَى الْإِقْرَارِ بِالطَّوْعِ.

الْبُنَانِيُّ مَعْنَى الِاسْتِرْعَاءِ إشْهَادُهَا قَبْلَ الْخُلْعِ أَنَّهَا مَتَى افْتَدَتْ مِنْ زَوْجِهَا بِشَيْءٍ فَلَيْسَ طَوْعًا مِنْهَا وَلَا الْتِزَامًا، وَإِنَّمَا يَحْمِلُهَا عَلَيْهِ الضَّرُورَةُ وَالرَّغْبَةُ فِي الرَّاحَةِ مِنْ ضَرَرِهِ بِهَا، وَأَنَّهَا مَتَى حَصَلَتْ لَهَا النَّجَاةُ مِنْهُ تَرْجِعُ عَلَيْهِ قَالَهُ صَاحِبُ الْفَائِقِ وَغَيْرُهُ، وَهُنَا ثَلَاثُ صُوَرٍ صَرَّحَ بِمَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ رَاشِدٍ وَنَصُّهُ: وَإِنْ اعْتَرَفَتْ فِي عَقْدِ الْخُلْعِ بِالطَّوْعِ وَكَانَتْ اسْتَرْعَتْ فَلَهَا الرُّجُوعُ بِاتِّفَاقٍ، وَكَذَا إنْ لَمْ تَسْتَرْعِ فَقَامَتْ لَهَا بَيِّنَةٌ لَمْ تَكُنْ عَلِمَتْ بِهَا. وَأَمَّا إنْ كَانَتْ عَلِمَتْهَا فَفِيهِ نَظَرٌ.

وَاَلَّذِي قَالَهُ ابْنُ الْهِنْدِيِّ وَابْنُ الْعَطَّارِ وَغَيْرُهُمَا أَنَّ لَهَا الرُّجُوعَ وَلَا يَضُرُّهَا أَيْضًا إسْقَاطُ الْبَيِّنَةِ الْمُسْتَرْعِيَةِ وَلَا غَيْرِهَا وَهُوَ أَصْوَبُ؛ لِأَنَّ ضَرَرَهُ بِهَا يَحْمِلُهَا عَلَى أَنْ تَعْتَرِفَ بِالطَّوْعِ. وَمَنْ اُبْتُلِيَ بِالْأَحْكَامِ يَكَادُ يَقْطَعُ بِذَلِكَ. اهـ. وَالْأَوْلَى بِحَقِيقَةِ الِاسْتِرْعَاءِ حَمْلُهُ عَلَى الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَإِنْ كَانَ الْإِسْقَاطُ فِي الْجَمِيعِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ رَاشِدٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَلَوْ كَتَبَ فِي الْوَثِيقَةِ طَائِعَةً غَيْرَ مُشْتَكِيَةٍ ضَرَرًا وَأَسْقَطَتْ الِاسْتِرْعَاءَ فِي الِاسْتِرْعَاءِ إلَى أَبْعَدِ غَايَتِهِ وَأَقْصَى حُدُودِهِ وَنِهَايَتِهِ فَلَا يُسْقِطُ ذَلِكَ حَقَّهَا؛ لِأَنَّهَا تَقُولُ لَوْ لَمْ أَقُلْ ذَلِكَ لَمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>